لم يكن من قبيل الصدفة تأكيد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن انشاء محطة الضبعة النووية للاستخدامات السلمية، بشراكة روسية، رسالة أمل وعمل لمصر والعالم، وتأكيد على متانة العلاقة بين البلدين وقوتها وطابعها الاستراتيجي. ولعل نظرة من قريب على هذا المشروع كفيلة بايضاح طبيعة هذه الرسالة التي تحدث عنها السيسي، فالمحطة ستكون مجهزة بأربع وحدات لتوليد الطاقة النووية، بطاقة 1200 ميجاوات لكل وحدة. وعقد بناء المحطة وتشغيلها يربط البلدين لمدة تقترب من مئة عام. والمبلغ الإجمالي للدخل سيكون ضعف تكلفة بناء المحطة.
وتنتمي مفاعلات المحطة إلى الجيل الثالث، الذي يعتمد على تصميم بسيط وموثوق به والتركيز على مقاومة خطأ المشغل، أي العامل البشري، وتصل مدة الخدمة إلى ستين عاماً قابلة للامتداد إلى ثمانين عاماً، بالإضافة إلى الحماية من الحوادث، كاصطدام طائرة ثقيلة بالمفاعل، أو تعرضه لزلزال، أو غير ذلك من المخاطر.
ومن المهم ملاحظة عدم تأثير هذا النوع من المفاعلات على البيئة المحيطة به، وقيامه بحرق كمية كبيرة من الوقود، مع إخراج كمية محدودة من النفايات المشعة.
ويجمع العلماء المصريون البارزون على أن هذه المحطة لا تقل في أهميتها عن قناة السويس الجديدة، وأن تأخير بنائها كل هذه السنوات أدى إلى خسارة مصر مليارات الدولارات، بينما تنفيذها سيقدم لمصر واحداً من أكثر مصادر الطاقة أمناً ونظافة، فضلاً عن السعر المنخفض.
ومن المهم الإشارة في هذا الصدد إلى أن هذه المحطة، التي ستبدأ العمل في غضون سبع سنوات، تعد تجسيداً لحلم طالما راود أذهان أجيال من أبناء مصر، من إنشاء مفاعل أنشاص الصغير للأبحاث النووية السلمية في الستينات وحتى اليوم. وهي في جوهرها تشكل نقلة نوعية لمصر في عالم توظيف التقنية الحديثة في توليد الطاقة.
لقد عبر الرئيس المصري عن مشاعر الملايين من المصريين، عندما قال عن هذا المشروع: «هذا حلم لمصر أن يكون لها برنامج نووي سلمي لإنتاج الطاقة الكهربائية واليوم نضع أول خطوة لتنفيذ هذا الحلم». والمهم حقاً الانطلاق في مسار التنفيذ.