تابع المشاهدون في ترادف نادر، أخيراً، حوارين هامين، أولهما مع دكتور جابر عصفور وزير الثقافة المصري الأسبق، والثاني مع حلمي النمنم، وزير الثقافة المصري الحالي، والحواران يستمدان أهميتهما من أنهما يلقيان الضوء على أهم ما يمكن أن تشهده الثقافة العربية في المستقبل القريب.
لعل أهم ما ركز عليه دكتور جابر عصفور هو المفهوم الذي اشتغل عليه بمزيد من الحماس خلال الأشهر القليلة التي أمضاها في الوزارة، حيث أكد أنه لا سبيل إلى خروج الحركة الثقافية من مشكلاتها في مصر، وفي الدول العربية عموماً، إلا عبر تعاون وزارة الثقافة مع الوزارات والهيئات ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة الوثيقة بنشاطها، وفي مقدمتها وزارات التعليم والأوقاف والاتصالات وغيرها.
شدد دكتور عصفور على أهمية أن يضم مجلس الوزراء أيضاً المجموعة الثقافية، المناظرة للمجموعة الاقتصادية، وعلى حتمية أن تحظى هذه المجموعة باهتمام ودعم استثنائيين من مجلس الوزراء، إذا أريد للحركة الثقافية أن تخرج من الهوة التي سقطت فيها خلال العقود الماضية.
أكد حلمي النمنم من ناحية على أجهزة وآليات إخراج الحركة الثقافية من ركودها، ونوه بصفة خاصة بدور قصور الثقافة في الأقاليم والريف وأيضاً بدور دار الأوبرا ومؤسسات المجتمع المدني في القاهرة.
من المؤكد أن ما قاله الوزيران له أهميته، بحكم أنه ينبع من المتابعة المباشرة ومن التجربة الميدانية في التعامل مع مشكلات الحركة الثقافية في مصر، وهي مشكلات تتسم بالتعقيد والاستمرار على مدى عقود عدة وبالاقتراب من الاستعصاء على الحل.
لكن ما غاب عن حواري الوزيرين هو التأكيد على الارتباط بين حلول هذه المشكلات وبين حلول المشكلات المتعلقة بالحياة اليومية في مصر، فالثقافة هي جزء لا يتجزأ من نهر الحياة والعمل والإنتاج في بلد يضم تسعين مليون نسمة، ويكافح لاسترداد قدرته على الإنتاج والإبداع والعودة إلى حياة هادرة، طالما شكلت أبرز ملامح الوجود على امتداد الوادي والدلتا.