بكثير من الفضول ساورني هذا السؤال عمن يختار الكتب التي تعرضها مكتبات الإمارات للقراء، عندما دخلت إحدى المكتبات التجارية الشهيرة في دبي أخيراً، ورحت أتجول في أرجائها.

علامة الاستفهام هذه لم تأت من فراغ، وإنما جاءت من ملاحظة أن المكتبات التجارية تتصدرها الكتب التي يتوقع من اختارها أن تلقى رواجاً تجارياً كبيراً، بغض النظر عن قيمتها الفكرية.

في صدر أي مكتبة تجارية تجد نفسك عادة أمام مجموعة من الكتب، تصنف تقليدياً باعتبارها «الكتب الواردة حديثاً»، وهذه خدمة جيدة للقراء، بالطبع، فهي تتيح لهم الإطلال على أحدث ما ورد للمكتبات من كتب، وبالتالي تسهل عملية الاختيار.

وهناك أيضاً مجموعة تصنف على أنها «الكتب الأفضل مبيعاً» والهدف من هذا التصنيف أيضاً هو تسهيل الاختيار على القارئ.

ومن اللافت للنظر أن الكتب التي يتم إبرازها هي الكتب التي تشهد إقبالاً كبيراً تقليدياً، ومنها كتب الطهي والروايات بصفة خاصة.

وليس لديَّ، بالطبع، اعتراض على كتب الطهي أو الروايات، ولكنني اعترض بشدة على أنك كثيراً ما تدخل هذه المكتبات التجارية، التي بلغت دوراً مهماً في الحياة الثقافية، ولا تجد أهم الكتب الصادرة عالمياً عن المنطقة وقضاياها وملامح ثقافتها وحياتها الإبداعية.

ودعني أضرب مثلاً محدوداً، ففي آخر حوار مع الكاتب الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل أشار إلى الأهمية الاستثنائية التي يتمتع بها كتاب «الحملة الصليبية الأخيرة» الذي يدور حول اقتحام فاسكو داجاما للمحيط الهندي، وأنا على يقين أنك ستبحث عبثاً عن هذا الكتاب في المكتبات التجارية، فهذه النوعية من الكتب لا تندرج في اهتمامها.

والأمثلة من هذا النوع كثيرة، والمشكلة أنك لو طلبت مثل هذا الكتاب عن طريق المكتبات التجارية، فإنك ستكون بحاجة إلى ما يتراوح بين أسبوعين إلى شهر قبل أن يصلك الكتاب من الناشر أو الموزع في نيويورك أو لندن.

إنني أقدر حافز الربح الذي يقف وراء انتشار هذه المكتبات، لكني أتمنى أن نشاهد على رفوفها، في عام القراءة الكتب التي تتناول قضايا المنطقة واهتماماتها.