جاء إنشاء منظمة الأمم المتحدة، بعد الحرب الكونية الثانية، بعد فشل ذريع لما كان يسمى «عصبة الأمم»، التي كانت مثالاً على استقواء الدول القوية، وثقافة المنتصر، وشروطه التعجيزية التي كانت أصلاً سبباً في الحرب العالمية الثانية.
فهل تغيرت هذه العقلية بعد إنشاء الأمم المتحدة في أربعينيات القرن الماضي؟ علماً بأن الدول المنتصرة في الحرب هي التي أنشأت الأمم المتحدة..
وهي التي مازال لديها اليوم ما يسمى حق النقض «الفيتو»، وهو باختصار هيمنة الدول الخمس الكبرى أو أي منها على القرار الأممي في المنظمة الدولية، بحيث يمكن لأي من هذه الدول إلغاء أو منع أي قرار تتبناه كل دول العالم الأخرى حتى لو كان حقاً ناصعاً كما هو الحال في الحق الفلسطيني، الذي اصطدم بأكثر من 140 فيتو للولايات المتحدة، التي ناصرت دوماً الاحتلال اليهودي لفلسطين رغم الوعود التي كانت تطلقها بين فترة وأخرى والتزامها بحل الدولتين.
حتى لو تجاوزنا القضية الفلسطينية فإننا لن نجد ذلك الدور الكبير لهذه المنظمة، ولن نجد تلك السلطة القوية، وآخر تجاربها الكارثية كانت عجزها عن منع احتلال أميركا العراق برغم معارضتها، ووقوف معظم دول العالم ضد هذه الحرب «باستثناء بريطانيا»..
ومن قبل ذلك عجز المنظمة الدولية في يوغوسلافيا السابقة، ومذابح البوسنة وتاريخ طويل من العجز والشلل، الذي أثبت أن المنظمة الدولية لا تختلف عن سابقتها لأن من وضعوا ميثاقها أرادوا ذلك استمراراً للهيمنة، وتأكيداً على القوة العسكرية لحل الخلافات والنزاعات بين الأمم.
اليوم هناك مطالبات عديدة لتغيير ميثاق وإطار عمل هذه المنظمة المقيدة، التي صاغتها الانتصارات العسكرية فقط، والعالم بات يطالب بقانون عالمي أو هيئة عالمية تحمي مصالح الجميع، وتكبح جبروت وسلطة القوة، التي أفرزتها الحرب الثانية، وجعلت من الأمم المتحدة مجرد ناطحة سحاب كغيرها من ناطحات السحاب، التي تشتهر بها نيويورك.