احتاجت القارة الأوروبية إلى اكثر من 300 عام وعشرات الحروب من بينها اكبر حربين في تاريخ البشرية كانت القارة العجوز السبب الرئيس في اشعال فتيلهما قبل الوصول بشعوبها إلى مناخ ما يعرف اليوم بالحرية والديمقراطية.
أما الولايات المتحدة الأحدث عمراً فقد احتاجت إلى نحو 200 عام للوصول إلى دستور يطبق فعليا على ارض الواقع للديمقراطية والمساواة التي لم تحقق حتى خمسينيات القرن الماضي حين كانت مقاعد الباصات تفصل بين السود والبيض وبعض المطاعم تساوي بين السود والكلاب وغيرها.
جزء من اشكالية منطقة الشرق الأوسط او قل شعوب العالم الثالث وفي سعيها لتحقيق هذه المبادئ لشعوبها «إن وجدت» انها تسعى إلى التطبيق الحرفي او نسخ الكربون لمفاهيم الديمقراطية الغربية وتتناسى انه حتى اوروبا بشقيها الغربي والشرقي تختلف فيما بينها من حيث التطبيق والقوانين لمبادئ الحرية والديمقراطية ونقصد بها هناك البرلمان والتمثيل الشعبي.
والأمر ذاته ينطبق على الولايات المتحدة التي اختارت نظامها الديمقراطي وفقا للتطور الطبيعي للدولة وبعد دروس مريرة مرت بها لعل اهمها حرب اهلية حصدت اكثر من 100 ألف قتيل واستمرت نحو 7 سنوات.
الأمر ليس فقط تمثيل شكلي حتى نقنع العالم اننا ديمقراطيون بل الأهم من ذلك التدرج وهي سنة الله في خلقه ومراعاة ظروف الدولة والشعب نفسه قبل اسقاط براشوتي لنظام معين قد يطيح بكل الجهود التي تبذل في هذا المجال.
شعوب المنطقة العربية وشعوب العالم الثالث غير مضطرة إلى التقليد واستنساخ مفاهيم الحرية في أوروبا وأميركا، وهي تحتاج اليوم إلى تثوير نقاش يشارك فيه الجميع للوصول إلى صيغة للحكم الرشيد والديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان تكون خاصة بها ولا مانع من الاختلاف بين دولة وأخرى فالاختلاف سنة الله في خلقه لكن الأهم هو مراعاة طبيعة وثقافة وتكوين كل شعب وخصوصياته وظروفه أو قل خلاصة تجاربه وهي ميزة مهمة للوصول إلى تلك «الماغناكارتا» التي يلتقي عندها الغالبية.