استثمارات التكنولوجيا الطبية.. كيف تحوّل دبي الابتكار إلى قوة اقتصادية عالمية؟

في عالمٍ يتسارع فيه الابتكار الطبي بوتيرة غير مسبوقة، لم يعد قطاع الرعاية الصحية مجرد خدمة أساسية، بل تحوّل إلى ركيزة اقتصادية استراتيجية. ومع توقعات بتجاوز حجم سوق التكنولوجيا الطبية 500 مليار دولار خلال العقد المقبل، أصبحت المدن الرائدة عالمياً في سباقٍ للاستثمار في هذا المجال.

دبي، التي رسّخت مكانتها كوجهة عالمية للابتكار، تمتلك فرصة نادرة لتصبح مركزاً محورياً في الاقتصاد الصحي الذكي، ليس فقط من خلال تبنّي أحدث التقنيات، بل عبر صناعتها وتصديرها. فكيف يمكن لدبي أن تحوّل التكنولوجيا الطبية من تكلفة تشغيلية إلى محرك اقتصادي عالمي؟

الاقتصاد الصحي.. من الاستهلاك إلى الإنتاج

لطالما كان قطاع الرعاية الصحية مستهلكاً للاستثمارات أكثر مما يدرّه من عوائد، لكن الثورة التكنولوجية قلبت هذه المعادلة. فقد أصبحت التكنولوجيا الطبية من أسرع القطاعات نمواً عالمياً. فكيف يمكن لدبي أن تستفيد من هذا التحول؟

1. تطوير بنية تحتية جاذبة للاستثمارات الصحية الذكية

لضمان استقطاب الاستثمارات الضخمة في التكنولوجيا الطبية، تحتاج دبي إلى بيئة حاضنة تجمع بين الابتكار، التمويل، وريادة الأعمال. ومن بين الخطوات الممكنة لتحقيق ذلك:

•إطلاق أول منطقة حرة متخصصة في التكنولوجيا الصحية، تستهدف جذب الشركات الناشئة والعمالقة التقنيين من مختلف أنحاء العالم.

•تأسيس صندوق استثماري لدعم الابتكارات الطبية، بحيث تستثمر دبي في المشاريع الواعدة في مراحلها المبكرة، مما يحقق لها عوائد مستقبلية ضخمة.

•تعزيز التعاون بين المستشفيات وشركات التكنولوجيا، لجعل دبي منصة اختبار عالمية للتقنيات الصحية المتقدمة.

2. كيف تصبح دبي مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي في الطب؟

•إنشاء مختبرات متخصصة في الذكاء الاصطناعي الصحي، لتحليل البيانات الطبية الضخمة وتعزيز دقة التشخيص والعلاجات.

• تمويل الأبحاث في الطب التنبؤي والجينوم الطبي، مما يتيح تطوير علاجات مخصصة لكل مريض وفقاً لحمضه النووي.

•إطلاق منصة «صحة دبي الذكية»، التي تربط المستشفيات، الأطباء، والمرضى على مستوى العالم عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي والتطبيب عن بُعد.

3. من الاستيراد إلى التصنيع.. نحو استقلالية طبية متقدمة

•تحويل دبي إلى مركز متطور لتصنيع الأجهزة الطبية، مثل الروبوتات الجراحية والمعدات التشخيصية الذكية، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد ويعزز الأمن الصحي.

•توسيع نطاق البحث في الطب الرقمي والتطبيقات الصحية، لتصبح دبي الوجهة الأولى لشركات التكنولوجيا الطبية الراغبة في تطوير منتجاتها.

•إطلاق شراكات استراتيجية مع كبرى شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون، لنقل أحدث تقنيات الرعاية الصحية إلى الإمارة وتعزيز الابتكار محلياً.

من الاستثمار إلى التصدير.. متى تبدأ دبي في تصدير الابتكار الطبي؟

لتحقيق هذه الرؤية، لا يكفي لدبي أن تستهلك التكنولوجيا الطبية، بل يجب أن تصبح مُنتِجاً ومصدراً رئيسياً للتقنيات الصحية عالمياً.

في مقالنا القادم، سنستعرض كيف يمكن لدبي بناء أول مدينة ذكية متكاملة للرعاية الصحية، حيث يندمج الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، والبيانات الضخمة في كل تفصيلة من النظام الصحي، مما يجعلها نموذجاً عالمياً للمستقبل.