الأسبوع الماضي كان استثنائياً في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أكبر تغيير هيكلي في تاريخ الحكومة الاتحادية، بعد اعتماده من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ومشاورات مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

دعونا نقف تأملاً في الإعلان المهم، ونستعرض بعض أهم ما جاء فيه، بداية، سموه يقول دائماً إنه يكره الروتين، ونرى ذلك جلياً في اجتماعاته مع الوزراء وكبار المسؤولين في خلوات بعيداً عن القاعات الرسمية، وهنا، ضرب لنا سموه مثالاً جديداً، لذلك، عندما أعلن التغييرات عن طريق «تويتر» للمرة الأولى في تاريخ الدولة، وهو ما لم يفعله قائد من قبل، خصوصاً في منطقتنا العربية.

والمألوف أن التغييرات الحكومية تأتي في شكل خطابات رسمية مملة، أو بيانات صحافية جاهزة تعقب اجتماعات، لكن مغزى استخدام صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وسيلة التواصل الاجتماعي «تويتر» لهذا الإعلان، هو الاقتراب من الشباب، ومخاطبة أكبر شريحة من شعبه والعالم، وهم أولئك المتصلين بالشبكة، وتلك خطوة مبتكرة، وفي منتهى الذكاء والحكمة.

ثانياً، التغييرات مواكبة للتطور الحاصل في العالم، فدمج وزارات ذات اختصاصات متشابهة وقواسم المشتركة، كالتعليم، يساعد على تخفيض النفقات الإدارية، ويعطي قدرة أكبر على التخطيط الاستراتيجي.

ثالثاً، تغيير مسميات بعض الوزارات، يعكس بعد نظر استراتيجياً، وهو ليس بغريب على سموه، وظهر ذلك من خلال وزارتي التغير المناخي والبيئة، والموارد البشرية والتوطين. والتغير المناخي، كما نعلم، همّ عالمي تخطط له دول العالم الحديثة تخطيطاً استراتيجياً.

أما وزارة الموارد البشرية والتوطين، فستتولى، حسب ما يشير اسمها، ملف مواطني الدولة الأول مع التوظيف، أي أن ملف التوطين، وللمرة الأولى، سيحظى بدفعة كبيرة، بل وتاريخية.

رابعاً، استحداث منصب وزير الدولة للتسامح، مهم جداً من ناحية التوقيت، وليس التطبيق، فتوقيته حاسم، لأن بعض المناطق العربية تغلي بسبب جرائم جماعات الفكر المتشدد، والدولة الآن أرسلت رسالة إضافية إلى العالم، تعزز سياستها التسامحية، وحرصها على حماية أبنائها من الفكر الضال، وجميعنا يعلم أن الرسالة الأولى كانت تطبيق قانون التمييز والكراهية.

 وقد يقول قائل، إننا نطبق التسامح في مجتمعنا دون حاجة إلى وزير، ونقول له: إننا لن نتوقف عن أداء الفرائض، حتى دون وجود مؤسسات أوقاف، فالمسألة تنظيمية وتوجيهية في المقام الأول، وليست تطبيقية.

مسك الختام: حوار المستقبل الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يعكس رؤية ثاقبة، وحساً وطنياً عالياً لقائد فذ، وهذه التغييرات سترتقي بالجيل الحالي والأجيال القادمة إلى مصاف الأمم المتقدمة، وستضمن ترسيخ السلام المجتمعي، كصمّام أمان في دولتنا الحبيبة حماها الله.