حضرت قبل بضع سنوات صفاً في مادة الأدب يتناول روايات الأشباح والجن وفق مختلف التقاليد الأدبية حول العالم، وقد اخترت أن أقوم ببحث حول قصص شخصيات الجن في الفلكلور الإماراتي. ولا يوجد إلا القليل الذي يكاد إلى حدّ ما يلامس العدم لجهة التوثيق الرسمي للقصص التي تحكي عن الشخصيات الخرافية المحفورة في ذاكرة الأجيال القديمة في المجتمع الإماراتي، مع استثناء أعمال الأستاذ عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث.

وتوصلت بنهاية بحثي أن الأجيال القديمة من الإماراتيين لجأت للحكايات الشعبية عن الجن وتصويراته تعبيراً عن مبادئها وقيمها الذاتية. وساد مجتمعنا الإماراتي، الذي لم يكن مختلفاً عن المجتمعات الأخرى، انجذاب عميق نحو القوى الخارقة والخفية، واستخدمت الحكايات الشعبية كأداة لردع الأطفال عن ارتكاب أي نوع من الأغلاط.

وقد أمعنت كافة القصص التي سمعت عنها في إظهار الجنّ على أنها شخصيات شريرة ومنبوذة. والأمر الوحيد الذي لم تأتِ أي من القصص على ذكره محصوراً في تفسير سبب اعتبار تلك الشخصيات «شريرة»، بعيداً عن حقيقة أنها لم تكن بشرية. اتخذت القرار بملء تلك الثغرة عبر كتابة سلسلة قصص للأطفال تتمحور حول قصص الجن الخيالية التي تنتمي للفلكلور الإماراتي، وذلك بناءً على عدة أسباب. لقد كبرت على كتب «دكتور سوس» وسلسلة قصص «هاري بوتر»، لكن على الرغم من المتعة الكبيرة التي شعرت بها أثناء قراءة كل جزء من تلك القصص، لم أتمكن من إقامة رابط مع أسماء الشخصيات، ولا مع الأمكنة التي جاءت منها. لم تكن شخصيات الجن موثقة ومؤرشفة على نحو كبير، وقد نجت من الاندثار مستندةً على تناقل الناس لقصصها شفوياً من جيل إلى جيل.

وقد حرصت على كتابة تفسيرات بديلة لقصص «الشرير» التي كانت تصف شخصيات الجن. فهل كانت شريرة بالفعل، أو أنها صنفت على هذا النحو بحكم أنها كانت مختلفة؟ ويسعدني أن أعلن بأن سلسلة الكتب القصصية ستتولى نشرها، بدعم من مؤسسة الإمارات، دار كلمات، وستكون موجودة ضمن جناح «كلمات قروب» في معرض الشارقة الدولي للكتاب الأسبوع المقبل. تقع الكتب الثلاثة باللغة العربية تحت عناوين «خطاف رفاي» و«أم الصبيان» و«قوم الدُسيس» المتوجهة لطلاب صفي الثالث والرابع الابتدائي. وتشكل تلك بداية سلسلة أطول من الكتب التي سأمضي في كتابتها على امتداد السنوات المقبلة.