في كل الممارسات التي تخص المرأة سواء كانت عربية أو غير عربية لا بد لهم من أن ينشدوا تلك السمفونية التي اعتدنا عليها، بل وكنا نخطها حين كنا طلاب يطلب منهم موضوع إنشاء عن دور المرأة في مجتمعها، عبارة ما انفك صداها يتردد كلما ذكرت المرأة «المرأة نصف المجتمع» تلك العبارة التي يسوء مزاجي حين أسمعها أو أقرأها وينتابني شعور الحنق والرغبة في الحديث.

كنت أضجر فعلا من سماعها، وأحسنت صمتا حين أبقيت ضجري وحنقي صامتا، لأني حينها لن أتمكن من التبرير سوى بأن أمي تعمل كل ساعات اليوم، ولا ينتهي عملها إلا حين ينام جميع من في المنزل، بينما والدي يعمل أقل من نصف ساعات اليوم، لذا فأمي امرأة تستحق أن تمثل المجتمع كله، وأي امرأة مثل أمي تستحق أن تكون المجتمع برمته، ولا تُنصف حين يشار إليها بأنها نصف المجتمع وتتمة النصف الأول، فهي صانعة التاريخ، والأم المعطاء دون انتظار مقابل وأمثولة للأجيال، وهي المرأة العاملة والزوجة المضحية والمُؤْثرة غيرها على ذاتها والمربية الفاضلة، تضحيات ملموسة قدمتها دون كلل أو استسلام ونجحت في تحقيق التوازن بين عملها كأم وزوجة وأخت وابنة في مجتمعها الصغير العائلي، وبين رغبتها في أن تكون حاضرة وعضواً فعالاً في المجالات التي تسهم في تنمية وتطوير مجتمعها فأصبحت بجدارتها وطموحها وزيرة ومهندسة وصحافية وطالت مجالات الطاقة والفضاء والطيران وأسست مشاريعها الخاصة، وشاركت الرجل جنبا إلى جنب في مسيرة النهضة، ألا تستحق أن يتوجها العالم ويشرفها بلقب يشار فيه إليها بأنها المجتمع برمته وليست نصفه؟...

ووقوفا على عطائها وإنجازاتها التي طالت كل المجالات المجتمعية يحتفل بها العالم في 8 مارس من كل عام اعترافا بكيانها المعجون من الكبرياء والقوة والأنوثة والإصرار والعزيمة والصبر، فقد يتغير الزمن ويحمل بين طياته الجديد والغريب، لكن المرأة تبقى الماجدة والمثمرة في كل الفصول.