كم هي تواقيت جميلة أن يصادف احتفال العالم بيوم السعادة ويوم الأم في يومين متتاليين، وهو ما يدل على أن السعادة باختصار هي«أم» تكبر وتصبح جسدا نحيلا وتخور قواها لكنها تبقى منبع العطاء والحنان، لذا فلماذا لا نجيب حين نسأل عن السعادة بأننا سعداء، لأن في حياتنا أمهات، أم معطاء هي سبب رئيس في السعادة، هي وجه الخير وحضن الدفء، وكفان سخيان ولسان لا ينفك يلهث بالدعاء لأبنائها. لهذا جاء ذكرها في القرآن مقروناً بالعبادة، لعظيم عطائها وسمو مشاعرها الإنسانية.

وبمجرد أن يطلب منا الحديث عن الأم أو نحاور أنفسنا عن هذا الكائن العظيم، تلقائيا يضخ في شراييننا شعور لا يوصف، حب صادق متنزه عن كل إسقاطات الحياة المادية. الأم وإن حكينا لا نوفي قدرها، ولو احتفلنا في كل يوم بها فلا نفي بحقها، حب غير مشروط، عطاء بلا حدود، هبة من الخالق للكون، مازلت أتساءل أي قلوب خلقت لهؤلاء الأمهات؟! سبحان من بث في قلوبهن أسمى الخصال حناناً وصبراً وعطاء وقوة، فإن كان الأبناء هم أجمل مباهج الحياة فالأم هي أجمل عطايا الرحمن للإنسانية.

تمر بنا السنين، ونكبر ونصبح أكثر اعتدادا بأنفسنا، قد نظن أننا كبرنا على حنان الأم وعاطفتها، بيد أن في الحقيقة نحن في عيون أمهاتنا هؤلاء الصغار ـ تخشى عليهم من الألم، تتمنى لو تعيدهم إلى أحشائها لتحميهم من أي تصاريف الزمن، هي من لا تكف عن التفكير والصلاة لأجل أن يحمي المولى أبناءها، باختصار من أمه لا تزال على قيد الحياة فلا يحزن، فالله تكفل بإكرامه لأجلها، فبره لها هو طريق نجاة وفلاح ونجاح، ولأولئك الذين فقدوا أمهاتهم أو باعدتهم المسافات الجغرافية عن وطنهم الأول «حضن الأم» فلا تحزن لأنك لن تهديها هدية ولن تقبل رأسها، يكفيك أن تنفق صدقة على روحها، وأن تدعو لها طامعاً في رحمة الله بك وبها.

مهما حاولنا فلن تسعفنا الكلمات في الحديث عن الأم، لكننا نحاول أن ننسج بحروفنا عبارات اعترافاً بفضلها وامتناناً لجميلها. «الأم هي سعادة الحياة، والسعادة في الحياة أن تستيقظ على صوت الأم» .