لنجرب معاً حياتنا كيف ستبدو بدون الإنترنت، بدون أن نشعر أن هناك آلية تبرمجها؟ سؤال قد نشعر بثقله ووقعه على مسامعنا أو أبصارنا، أن نترك هذا العالم الافتراضي الذي اعتدنا عليه، ونعلم أن جل ما يجري فيه لا يحمل بالضرورة الصحة والمصداقية، أمر يحتاج لإرادة وإعادة جدولة، فأغلب أمورنا ومهامنا اليومية ترتبط بشكل كبير بتلك الشبكة.

لنتخيل العالم بلا إنترنت بلا مواقع تواصل اجتماعي وهي بالحقيقة ليست إلا وسيلة باعدت بين البشر اجتماعياً.

إن جربنا العيش بدون إنترنت ربما نخسر وهو ما يتوقعه الكثيرون، سواء من محللين أو مطلعين إلا أن خسارتنا لأنفسنا بوجود حياة للإنترنت وإدمانها في حياتنا أعظم من تلك الخسارة، فنحن نخسر حديثنا مع أنفسنا والاستمتاع بالاستماع إلى الصوت الداخلي فينا، ونشعر بالملل وكثير يعانون من حالات اكتئاب سببها العالم الافتراضي، لكنهم لا يتقبلون هذه الحقيقة، لأنهم مرتبطون به بوثاق قوي يجعلهم يضحون بأوقاتهم الثمينة في السباحة في بحر هذا العالم.

لست في صدد إصدار حكم بإعدام شبكة الإنترنت، ما دفعني للتطرق لهذه القضية التكنولوجية هي تلك المشاهد التي أصبحنا نراها والأخبار التي نسمعها، والحياة الاجتماعية التي تكاد تتلاشى في كثير من البيوت، والأمراض الحديثة التي نتفاجأ فيها كل يوم، في أحيان كثيرة أفكر في ما حققته التقنية من إنجازات قدمت للإنسان سيلا من الخدمات، لكن الإنسان بالمقابل فهم هذه التقنية بطريقة خاطئة، إحداهن تخبرني بأنها لا تمسك القلم إلا حين توقع أوراقاً تخص حساباتها البنكية، وأنها تخجل من خطها اليدوي، فعهدها بالكتابة بالقلم قديم.

فاكتفت بإلقاء العتب على الأجهزة الحديثة التي امتلكتنا وأخمدت الحيوية في الكثير من الناس، بالمقابل هناك تجربة تستحق أن تُقرأ وتُجرب وهي للكاتب التكنولوجي بول ميلر الذي اعتزل الإنترنت وجرب الحياة بدون هذه التقنية ليكتشف ذاته الحقيقية، يستنشق الأزهار ويتمتع بصفاء ذهن بعيداً عن النسيان والقلق.

ويمارس الرياضة وامتلأت حياته بأحداث جميلة لم يكن يشعر بها وهو غارق في التكنولوجيا وفقد من وزنه 15 باونداً دون أن يحاول إنقاص وزنه، لقد وجد نفسه الحقيقية بعيداً عن سطوة الإنترنت التي نحتاج لأن نرسم حدوداً لها في حياتنا ولنشعر بحياة طبيعية ملأى بالصحة والحيوية، حتى لا نلقي الملامة على الشبكة العنكبوتية.