أقرأ حالياً رواية «سيدات القمر»، للكاتبة العمانية جوخة الحارثي، الحائزة على جائزة «مان بوكر الدولية»، التي تُمنح لأفضل عمل أدبي مترجم للإنجليزية.

هذه هي المرة الأولى التي تفوز فيها شخصية عربية بهذه الجائزة المرموقة، وللمصادفة الجميلة، كانت من نصيب كاتبة عربية خليجية.

وقعت لجنة التحكيم في حب الرواية العمانية الغارقة في المحلية، التي تدور أغلب أحداثها في قرية تسمى «عوافي»، وتحكي قصص مجموعة من النساء العمانيات من أجيال وطبقات مختلفة، رصدت خلالها التغيرات التي مرت بها عمان في الفترة بين أربعينيات القرن الماضي، وحتى وقتنا الراهن.

لم تُخف رئيسة لجنة التحكيم «بيتاني هيوز»، إعجابها بالرواية، التي ترجمتها مارلين بوث إلى الإنجليزية، بعنوان «الأجرام السماوية». حيث قالت: «إن الكتاب يستولي على العقول والقلوب بنفس المقدار».

لكن هل كانت تتوقع جوخة أن روايتها «سيدات القمر»، التي صدرت عام 2010 عن دار الآداب، ستصل إلى العالمية بعد هذه الأعوام، وهي ذات الرواية التي لم تحظَ بالاهتمام الذي تستحقه حينها؟ ثم السؤال الذي يجر نفسه، كم من الأعمال المدهشة تظل سنين طويلة في الظل، تبحث عمن يسلط عليها الضوء؟ هل هناك خلل في آلية تقديم وتقييم بعض الجوائز العربية؟.

جوخة الحارثي، الحاصلة على درجة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة إدنبرة، والأستاذة في جامعة السلطان قابوس، فتحت الأعين على منطقة غير معروفة ثقافياً للعالم الغربي، منطقة تمتلك ثراءً ثقافياً وأدباً مدهشاً، يستحق أن يطلع عليه الآخرون بشكل أوسع، ولولا الترجمة لما حدث ذلك.

هنا تكمن أهمية ترجمة الأعمال الأدبية الجيدة، لتسهم في انتشار الأدب العربي عالمياً، ولا نغفل دور المترجم في الحفاظ على قوة السرد وجمال التفاصيل. أليس من أهداف الأدب النبيلة، التقريب بين الشعوب والثقافات، ومساعدتنا على فهم العالم بشكل أفضل؟.

قالت الكاتبة في إحدى مقابلاتها بعد الفوز بالجائزة: «أكتب عما يشغلني، وما يشغلني هو الإنسان»، فالكاتب الحقيقي همّه الإنسان دائماً.

مباركٌ للأدب العربي، وللكاتبة جوخة الحارثي، هذا الفوز المُستحق.