في كتاب «عبقرية اللغة» الصادر عن دار أثر، يشارك مجموعة من الكُتاب يكتبون باللغة الإنجليزية، وليسوا من أبنائها في الأصل، بل يتكلمون لغات أخرى، في كتابة مقالات عن الفرق بين اللغتين ومدى تأثير ذلك في نتاجهم الأدبي. لكل من الكتاب الخمسة عشر الذين شاركوا في هذا العمل تجربة مغايرة، تبعاً لأصولهم وظروفهم. فحكاية اللغة الأم ليست مسألة لسانية أو أدبية فحسب، بل هي مسألة تمس حياة الناس وشعورهم تجاهها كما تقول محررة العمل «ويندي ليسير».

كتبت «بهارتي موكرجي» وهي كاتبة أمريكية من أصل هندي: «بالرغم من حجم تأثير اللغة الأم في هوية الإنسان، إلا أن للوطن تأثيراً عظيماً كذلك». وللكاتب الكيني «نغوني واثيونغو» تجربة فريدة، فهو عندما كتب روايته الأولى «حبة قمح» باللغة الإنجليزية، استبعد أن يعيد التجربة، حيث قال: «إن الناس الذين أكتب عنهم وأقولها بلسان مبين مثلما كتبتُ عنهم، ليسوا في موضع يؤهلهم لقراءة قصة حياتهم إلا بلغتهم». ولكنه أعاد التجربة وكتب أول رواية بلغته القومية وهي لغة الغيكويو، ومنذ ذلك الحين لم يكتب الرواية بالإنجليزية إلا عبر الترجمة من الأصل.

أما الكاتب «نيكولاس باباندريو» ذو الأصول اليونانية فقد بدأ رحلة البحث عن المفردات الإنجليزية ذات الجذور اليونانية. وقال في مقالته: «أشعر بأن الانقسام كنز تحصلت عليه. تلعب الإنجليزية دوماً دور الباب إلى كل ما يكتشف بعد، نحو تلك التضاريس لليونان التي في مخيلتي، لليونان التي أحملها في ذاكرتي».

تحدثت الكاتبة «إم جاي فيتزجيرالد» في مقالتها عن طفولتها في إيطاليا: «إن من شأن تجربة الطفولة أن تشكل جزءاً كبيراً من الحياة لاحقاً، وفي حالات معينة هي تشكل الحياة». أما الكاتبة الكورية «ها-يون جانغ» فلا تشعر بنفسها كاملة لا بالكورية ولا بالإنجليزية، فكل لغة تبدو لها لغة مكملة لأختها.

حالما انتهيتُ من قراءة الكتاب تمنيتُ وجود مشاركة لكاتب من أصل عربي، وتساءلت ماذا لو كتبتُ بلغةٍ غير لغتي؟ هل ستنسل لغتي الأم، العربية في كتاباتي من دون أن أشعر؟

أظن أن لغة الطفولة تؤثر، وإن كانت مواطن التأثير غير واضحة. ولكل لغة عبقريتها وجمالها، بغض النظر عن مدى انتشارها وعدد من يتحدث بها.