قام مشروع «كتب - صُنعت في الإمارات»، المشترك بين المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، ومعهد «جوته» الألماني، على جمع وإعادة كتابة قصص تراثية إماراتية، أو ما يسمى محلياً باسم «خراريف». وتم اختيار مجموعة من الكاتبات الإماراتيات لهذا العمل، وسعدت بوجودي ضمنهن.
لم تكن لدي فكرة واضحة عن «الخراريف» الإماراتية، واقتصرت معرفتي على بعض الكائنات الخرافية، مثل «أم الدويس»، «حمارة القايلة» و«بابا دارياه». لاحقاً، اكتشفتُ مدى تنوع وثراء حكاياتنا الشعبية، فلدينا الكثير من «الخراريف» المدهشة، وحتى «الخروفة» قد تُروى بأكثر من طريقة تبعاً للمنطقة. أثناء البحث، واجهتنا بعض الصعوبات، منها ضياع بعض القصص مع رحيل الأجداد والجدات، أو غياب ذاكرتهم التي هرمت، وعدم اكتمال بعض القصص أو احتوائها على ثغرات.
الاهتمام بتوثيق الحكايات الشعبية ضرورة وطنية ملحة، فمن خلالها يمكننا فهم ثقافة المجتمع، ولهجاته المختلفة، وأيضاً كي نحفظها للأجيال القادمة من الضياع والاندثار. قام مجموعة من الباحثين والكُتاب في الإمارات بتجميع «الخراريف» وتوثيقها، وأذكر الكاتب والباحث د. عبد العزيز المسلم، مدير معهد الشارقة للتراث، الذي دعمنا منذ اليوم الأول للمشروع. وكذلك الراحل أحمد راشد ثاني، رحمه الله، الذي ترك لنا كتباً قيمة تزخر بمجموعة من القصص الشعبية، مثل كتابه: «حصاة الصبر». وغيرهما ممن ساهموا في الحفاظ على هذا الإرث، لا يسعني ذكرهم جميعاً.
المدهش أيضاً هو الشبه الكبير بين بعض حكاياتنا والحكايات الشعبية العالمية، وإن اختلفت أسماء الشخصيات والأماكن. على سبيل المثال، النسخة الإماراتية من حكاية «سندريلا» العالمية هي خروفة «بديحة»، فسندريلا هي حمدة بنت السماك التي تعاني من قسوة زوجة الأب، وتساعدها «بديحة» السمكة الطيبة، واسم «بديحة» تصغير لسمكة البدح المحلية المعروفة في الإمارات.
انتشرت الحكايات الخرافية في المجتمعات، كقصة «سندريلا» وغيرها، على مر مئات السنين، وكل مجتمع يرويها بما يتناسب مع عاداته وتقاليده وظروفه، دون معرفة المصدر أو الراوي، فنندهش أن العالم صغيرٌ كما يقال.
نحن في الإمارات، جزء من هذا العالم، نؤثر ونتأثر بثقافات الشعوب وحكاياتها. إنه عالم صغير! أليس كذلك؟