كلما تقدمنا في العمر، ازددنا حنيناً للماضي. نتصفحُ صورنا القديمة في ألبوم العائلة. تلتقطُ أعيننا تلك الصور، فتسافر ذاكرتنا، لتسترجع المشاهد، والأحاسيس التي رافقتنا. ظننا حينها، أننا سنُمسك بتلك اللحظات المميزة إلى الأبد، ولكن كل ما فعلناه أننا تركنا جزءاً من ذاكرتنا في صور مطبوعة على ورق، لعلها تكون عوناً للذاكرة إن قررت أن تنسى.
معرض «لئلا ننسى: عالمية الصور العائلية» الذي افتتح في العاصمة أبوظبي، ويستمر حتى 28 يوليو، عرض مجموعة واسعة من الصور التقطتها عائلات تعيش في بلدين منفصلين، وقارتين بعيدتين، بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسبانيا، خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين. رغم البعد الجغرافي بين المكانين، والاختلاف الثقافي بين المجتمعين، إلا أن تلك الصور وللمفارقة أظهرت تشابهاً غير متوقع.
خلال زيارتي للمعرض، أدهشتني القواسم المشتركة بين الصور المعروضة، منها صورة لعائلة إماراتية، يقف فيها الأب في ساحة منزله، مع ابنه وابنته على دراجتيهما الهوائية، ينظران نحو الكاميرا، تُشبه صورة عائلة إسبانية يركب أطفالها دراجات هوائية، وصورة أخرى لأطفال يعيشون في الإمارات، يقفون أمام سيارة بيضاء، تتناغم مع صورة لأطفال أمام سيارة زرقاء يعيشون في إسبانيا.
الإنسان مجموعة من العواطف، وتلك الصور ما هي إلا انعكاس لتلك العواطف في تلك اللحظة. الإنسان هو ذاته هنا أو هناك؛ يفرح، يحزن، يقلق، يأمل، يتألم، يبكي، يضحك، إنه شحنة من الأحاسيس التي لا تأبه لثقافته وأصله وعرقه. قد تجد اختلافاً في الملامح والمظهر، ولكن النظرات والحركات والأحاسيس تتشابه.
بدأت فكرة معرض «لئلا ننسى» كمادة مشروع تخرج بجامعة زايد شارك فيه عدد من طالبات وخريجات كلية الفنون والصناعات الإبداعية بالجامعة في أبوظبي. قامت الطالبات بجمع وتوثيق وعرض صور عائلية لأناس عاديين تعكس جوانب من تاريخ الإمارات في النصف الثاني من القرن العشرين، في معرض بعنوان «لئلا ننسى»، وجُمعت في كتاب مميز بنفس العنوان. بعد ذلك توالت الأفكار والمبادرات التي تحتفي بالإنسان.
«لئلا ننسى: عالمية الصور العائلية» من المبادرات التي تثبت أن الأشياء التي تجمعنا أكثر من الأشياء التي تفرقنا، وما أحوجنا لمعرفة ذلك!