ما شعوركَ إن دخلت منزل أحد أهم أدباء القرن الـ19، ورأيتَ المكان الذي كان يكتب فيه، مكتبه، قلمه ومحبرته؟ إن أردتَ أن تخوض التجربة، لا تفوت زيارة «متحف تشارلز ديكنز» في العاصمة البريطانية لندن.

قبل أيام مررتُ على المنزل القائم بين المنازل الإنجليزية المبنية من الحجر، في شارع داوتي 48، بابه أزرق خشبي، وكُتب على واجهته: البيت الفيكتوري لتشارلز ديكنز الذي سكنه مع عائلته. هنا كتب «أوليفر تويست» و«نيكولاس نيكيلبي»، وبرز اسمه كروائي عالمي.

اشتريتُ تذكرة الدخول بمبلغ 9 جنيهات إسترلينية، ثم دخلتُ المنزل الذي سكنه ديكنز بين عامي 1837 و1839م، والمكون من 4 طوابق. أول غرفة دخلتها هي غرفة الطعام، وفيها تُرك كل شيء على الطاولة، وكأن أصحاب البيت مستعدون بالفعل لاستقبال ضيوفهم. أكبر الغرف هي غرفة الاستقبال، حيث كان الكاتب وأصدقاؤه يجتمعون بعد العشاء، يتناقلون آخر الأخبار ويتناقشون، ويقرأ عليهم مقاطع من كتاباته. أما غرفة المكتب، فتحتوي على طاولة كتابة من الخشب الداكن، استخدمها لكتابة رواياته. يضم المنزل أيضاً غرف النوم ومرافق أخرى.

تحول هذا المنزل الوحيد الذي ما زال قائماً من المنازل التي سكنها ديكنز، إلى متحف عام 1925م، وأعيد ترميمه ليُفتتح مرة أخرى عام 2012م. جمع القيمون على المتحف كل ما أمكنهم جمعه من مقتنيات الكاتب، مكتبه الخشبي، صور فوتوغرافية، لوحات، خاتم زواج زوجته كاثرين، رسائل بخط يده، وحتى ملابسه، وتُرك كل شيء في مكانه، وكأن هناك أشخاص يعيشون في المنزل.

في هذا المتحف تجد سيرة الكاتب الإنسان، الذي عُرف نصيراً للفقراء والمحرومين. كتب عن الفقر وتشرد الأطفال ومعاناتهم، وكان من أبرز المدافعين عن حقوق الأطفال وتعليمهم في عصره. ولعل ذلك يرجع إلى نشأته القاسية، حيث اضطر لترك المدرسة صغيراً، ليعمل عملاً شاقاً بأجر ضئيل، حتى يشارك في نفقة الأسرة.

تقدير وتكريم الكاتب بعرض سيرته الروائية والإنسانية، من المبادرات الثقافية المهمة التي نفتقدها. متحف الشاعر العقيلي، يعد من المتاحف المهمة في إمارة دبي، ويتيح للزائر فرصة التعرف إلى أحد أهم شعراء المنطقة. أتمنى أن نجد متاحف مشابهة في المستقبل.