تلقيتُ اتصالاً من إحدى معلماتي الفاضلات، يوم نشرتُ مقالي الأخير عن مدرسة «زعبيل» الثانوية للبنات، تشيد فيه بالمقال، وتُشجعني على مواصلة الكتابة. لم تستغرق المكالمة أكثر من خمس دقائق، إلا أنها تركت أثراً إيجابياً عميقاً في روحي. تذكرتُ عندها مقولة لجدتي، رحمها الله، كانت ترددها دوماً: «الكلام الطيب الجميل لا يكلفنا شيئاً، فلا تبخلي به على من حولك».

بالفعل، كثيراً ما نبادر إلى انتقاد الأشياء التي لا تُعجبنا بكل سهولة، ولكن حين يكون العكس ويُعجبنا شيء، نبخل بالثناء. لماذا يصعبُ علينا المدح ويسهل النقد؟ ما الضير من ملاحظة الأشياء الجميلة والإشادة بها عوضاً عن كتمانها؟.

فكم جميلٌ أن تقول لأمك أنكَ تحبها رغم أنها متأكدة من ذلك، ولجدتك أنها مازالت جميلة، ولجدك أنكَ تستمتع بصحبته. أن تُخبر والدكَ أنكَ تثق بخبرته وحكمته، وأختكَ أنها حنونة، وللمربية أن لها ابتسامة رائعة.

أن تخرج من المقهى الذي اعتدت التواجد فيه، بعد أن تشكر من يعد قهوتك وتخبره كم هو ماهرٌ في إعداد القهوة، وتُبين للصبي الذي صادفته يلعبُ الكرة بحماس، كم هو بارعٌ في اللعب.

أن تخبر زميلكَ في العمل حين يتغيب أنكَ افتقده، وتخبر موظفيكَ أنك فخورٌ بهم، والعامل البسيط أن ابتسامته مشرقة. أن تخبر صديقكَ الرسام أن رسمه جميل، والكاتب أنكَ معجبٌ بما يكتب، والشاعر أن قصائده ساحرة، وصاحب الصوت الجميل أن له صوتاً آسراً.

جميل القول ينعكس إيجاباً على صورتنا أمام الآخرين، يُضفي جمالاً ورُقيَّاً على علاقاتنا، ويجعل العالم مكاناً أجمل.

أكتبُ هذا المقال لمعلمتي حتى أشكرها بما يليق بها، خجلتُ أن أقول لها إن مكالمتها تلك من الأسباب التي تجعلني أستمر في الكتابة.

شكراً لكل من يبثّ حوله جميل القول ويشجع الآخرين، فلا ندري مدى تأثيره عليهم. لنعايد من نُصادفهم أيام العيد، فمنهم من هو مغتربٌ بعيدٌ عن أهله وعشيرته، ولا يجد من يعايده، فنكون سبباً في تغيير يومهم وإدخال الفرحة إلى قلوبهم. عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير.