تضم أندية القراءة مجموعة من الأفراد، يتشاركون في حب الكلمة والمعرفة، ويجتمعون بشكل دوري، لمناقشة كتاب معين قاموا بقراءته، ولقاء الكاتب نفسه إن تسنى له الحضور.

لم أكن مقتنعة بفكرة الأندية من قبل، ولم أجد داعياً أو مبرراً لأقرأ مع مجموعة من الأشخاص الكتاب ذاته، ولكن تغيرت نظرتي تلك، بل وأصبحتُ أشجع القراءة ضمن مجموعات، لمَّا لمستُ جوانبها المشرقة عن قرب.

حدث هذا التغيير قبل نحو عام ونيّف، حين شاركت في جلسة لمناقشة روايتي «ثلاثية الدال» بتنظيم من نادي «استراحة سيدات»، ولاحظتُ خلالها حماس القارئات، ونقاشهن الثري، وأسئلتهن الذكية، وما لفتَ انتباهي أيضاً التنوع الثقافي والفكري والعمري للمشاركات، ما أكسب اللقاء تنوعاً وعمقاً. ولا أخفي أنني استفدتُ من النقاش، بقدرِ ما استمتعتُ فيه.

مبادرة «استراحة سيدات» إحدى مبادرات «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة»، والتي تهدف إلى تمكين المرأة العربية ودعمها معرفياً، وتستقبل جميع السيدات بمختلف توجهاتهن وخلفياتهن في دولة الإمارات والعالم العربي، على مدار العام. تتلخص فكرتها في نادٍ قرائي للسيدات، يعقد جلسات دورية لمناقشة كتب مختارة في مجالات متنوعة، وتبادل الرؤى حولها، ما أسهم في ترسيخ عادة القراءة في المجتمع، والسيدات على وجه الخصوص بما أنهن نصف المجتمع وأمهات الأجيال القادمة.

تبدو أندية القراءة جاذبة، وأثبتت القراءة الجماعية فوائدها الكثيرة، إلا أن استمرارها ليس مسألة سهلة على الإطلاق، حيث تحتاج إلى الجدية والشغف الحقيقي، والالتزام بالقراءة والحضور. وفي الأعوام الماضية انتشرت أندية القراءة الإلكترونية التي استعاضت باللقاء في فضاء العالم الافتراضي عن اللقاء الفعلي، ولاقت استحساناً في أوساط الشباب، والحقيقة أنها تعكس الجانب الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي.

لا يهم مدى انتشار الأندية القرائية إعلامياً، وعدد أعضائها، بقدر فعاليتها واستمرار نشاطاتها، فهنالك تجارب جادة توقفت لظروف مختلفة.

أتمنى الاستمرار والنجاح لأي مبادرة تهدف إلى نشر المعرفة، فهي ليست مجرد أندية أو استراحات قراءة، بل صداقة ومحبة، وتسامح وتقبل للرأي الآخر.