لا أدري مدى صحة انطباعي عن البرتغال بأنها بلدٌ يحب الكتب والأدب، وذلك بعد رحلة استغرقت نحو أسبوع برفقة شركة «باب» الكويتية المتخصصة في الرحلات الثقافية، ولكن أكثر ما لفت انتباهي في هذا البلد الجميل منذ اليوم الأول، كثرة مكتباته، واحتفاؤه بكُتّابه وشعرائه، فتجد هنا تمثال الشاعر فرناندو بيسوا، وهناك متحف للأديب الحائز نوبل للآداب خوزيه ساراماغو، وصورهم على الهدايا التذكارية، وأسماؤهم على المقاهي التي كانوا يرتادونها.
عرفتُ لاحقاً أن البرتغال موطن أقدم مكتبة في العالم، حيث سجلت مكتبة «بيرتراند»، التي أسست عام 1732م، في العاصمة لشبونة، بموسوعة «غينيس»، كأقدم متجر مستمر لبيع الكتب بالعالم. لم أتردد في زيارة المكتبة التي تقع وسط لشبونة في ميدان «تشيادو»، والزاخرة بإصدارات متنوعة أغلبها باللغة البرتغالية. الملفت والفريد أنك ستحظى بختم على غلاف الكتاب الداخلي الذي تقتنيه، لإثبات أنه تم شراؤه من أقدم مكتبة في العالم، وتلك فكرة تجارية ذكية جعلتني أشتري منهم كتاباً لساراماغو أعجبني غلافه باللغة البرتغالية.
مررتُ أيضاً بعدّة متاجر تبيع كتباً قديمة ونادرة، استطعتُ أن أظفر منها بنسخ تعود إلى بدايات القرن الماضي، مثل رواية «أليس في بلاد العجائب» و«دون كخوته» باللغة الإنجليزية. وأثناء زيارتنا قرية أوبيدوس، استوقفتني بين أزقتها مكتبة تزخر بمجموعة وافية من الكتب لا تقل جمالاً عن تلك القرية الساحرة.
كانت لنا زيارة لواحدة من أجمل مكتبات العالم، وهي مكتبة «ليلو» التاريخية في مدينة بورتو الشمالية، بطرازها القوطي المتميز. أصبحت تلك المكتبة التي أُنشئت من قبل عائلة ليلو، مزاراً للسيّاح حول العالم، ويكمن السر في كون مؤلفة سلسلة «هاري بوتر» جي كي رولينغ، التي أقامت فترة من الزمن في تلك المدينة، استوحت منها أجواء وديكورات سلسلتها الشهيرة.
فتحت لي رحلة البرتغال أبواباً إلى مناطق وعوالم ثقافية ما كنتُ سأجدها بنفسي، لولا مشروع «باب»، الذي أسّسه كل من الروائي عبدالوهاب الحمادي والكاتبة تسنيم المذكور، فكل الشكر والتقدير لهما.