أوال، دلمون أو البحرين، التي تعرفتُ عليها متأخراً، وقعتُ في هواها من النظرة الأولى.

سحرتني «دواعيس» المحرق والمنامة، بيوتها العتيقة، عبق أسواقها القديمة، لهجة أهلها، وترحيبهم بالآخر الذي لم يتغير مع الزمن.

سعدتُ بحضور حفل تكريم المفكر البحريني الدكتور محمد جابر الأنصاري، وبرعاية كريمة من هيئة البحرين للثقافة والآثار، التي تترأسها معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة.

شهد التكريم إطلاق كتاب عن سيرة المفكر، بعنوان «الكلمة من أجل الإنسان» للكاتبة د. صفاء إبراهيم العلوي، عرض فيلم «منارة البحرين» الذي عملت على فكرته وإعداده الدكتورة رفيعة غباش، كلمة باسم عائلته ألقتها ابنته الأستاذة هالة الأنصاري، وأخرى ألقاها الدكتور محمد غانم الرميحي عن فِكر الأنصاري، وافتتاح معرض يضم مقتنياته، ومجموعة من مقالاته وشهاداته وصوراً من حياته.

أهدت الكاتبة كتابها إلى وطنها البحرين حيث الكلمة من أجل الإنسان.

الواقع، أن الرهان على الكلمة والثقافة هو الأنجح، وهذا ما رأيته بوضوح من زيارتي الأخيرة للبحرين التي ربحت في هذا الرهان.

حظيتُ بزيارة مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث، المنارة المضيئة التي تحتفي بالثقافة، وتضم جدرانه صور المثقفين الذين استضافهم على مر الأعوام.

حرص المركز على ضم بيوت تراثية متفرقة في المحرق والمنامة، التي رممت مع مراعاة النمط المعماري، وتحكي قصة المكان وصاحبه، مثل بيت عبدالله الزايد لتراث البحرين الصحفي، بيت الفنان محمد بن فارس لفن الموسيقى، بيت «الكورار» لنسيج خيوط الذهب، بيت الشعر، بيت القهوة، ومنامة القصيبي التي توثق إرث الكاتب غازي القصيبي، وغيرها الكثير.

أصبحت تلك البيوت العتيقة، متاحف توثق ذاكرة المكان والإنسان، لتبقى شاهدة على تاريخٍ غني كان هناك.

تسنت لي أيضاً زيارة لمتحف البحرين الوطني الذي يحتضن آثاراً عبر تاريخها الممتد لأكثر من 5 آلاف سنة، ومتحف قلعة البحرين قرب القلعة التاريخية.

وقد أدرج موقع القلعة، عام 2007، على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم «اليونسكو».

عدتُ من البحرين أحمل معي ذاكرة زاخرة، تجربة فريدة، مجموعة قيمة من الكتب، لا تقل حلاوةً عن حلوى «شويطر» الشهيرة، التي حملتها معي، مع الكثير من الحب والامتنان لهذا البلد الجميل.