يقول الخبر إن الصين اعتذرت لعائلة طبيب العيون لي وينليانغ، الذي رأى ما لم يره الآخرون. اعتذارٌ متأخرٌ جداً، فقد رحل الطبيب الشاب، بعد أن أخبر الناس الحقيقة، وحذرهم من فيروس كورونا المستجد. جعلني هذا الخبر أتساءل ماذا لو كان الطبيب أحد مشاهير التواصل الاجتماعي، ويحظى بملايين المتابعين، هل كان سيحدث ما حدث، ويتم تجاهله؟ نبهتنا هذه الأزمة إلى أشخاص ما كنا نشعر بأهميتهم، بعد أن أعطينا فئاتٍ أهمية لا يستحقونها. عرَّفتنا على من يستحق تقديرنا، على جهود الكوادر الطبية، الشرطة، عمال النظافة، وغيرهم ممن يعملون بصمت، من أجلنا، من أجل العالم.

أنتَ في بيتكَ، تحصل على ما تريد بضغطة زر، تشتكي غالباً من الملل، تطالع الأفلام ونشرات الأخبار، بينما غيركَ يعمل ساعات وساعات، ويعرّض حياته للخطر من أجلكَ، وهنالك من يخرج باستهتار، يتحدى الجميع بفجاجة، يعلن عدم اكتراثه لما يحدث حوله بكل أنانية. الأزمة أظهرت لنا معادن الناس أيضاً، وماذا أيضاً؟

أين حقيبتك الثمينة؟ ثوبك الجديد؟ في خزانة الدولاب على الأرجح. لا أظنكَ تفتقد هذه الأشياء. أنتَ الآن تفتقد الأوقات السعيدة التي كنتَ تقضيها مع أطفالك وعائلتك وأصحابك، كوب القهوة الصباحي في مقهاكَ المفضل، حتى عملكَ الذي ربما كنتَ تتذمر منه، والنهوض باكراً لتوصيل أبنائكَ إلى المدرسة. وأنتَ أيها الطالب، تفتقد مدرستكَ، جامعتك، زملاءك، وحتى الامتحانات التي ما كنتَ تحبها. كلها أشياء ما شعرنا بأهميتها، بل وكنا نتأفف منها أحياناً.

أزمة كورونا لم تعد تخص الصين وحدها، بل أصبحت عالمية، وكل فرد عاقل يعيش على هذه الأرض مسؤول عن حماية نفسه وحماية الآخرين. لكن ماذا فعلت بنا هذه الأزمة؟ غيَّرت أولوياتنا وطريقة تفكيرنا. لا أظن أن العالم سيظل بعد كورونا كما هو، إلا إذا كانت ذاكرتنا سريعة النسيان.