قد يضطرب الفؤاد، وقد تجد نفسك في خضم عاصفة هوجاء من القلق، لطالما واجهت العواصف، لطالما تلاعبت بك الحياة، لكنك تقاوم، تخوض المعارك اللامتناهية، وقد تخرج منتصراً، أو ربما مهزوماً، لكنك لا تتخلى عن ابتسامك الساخرة، التي تغيظ بها عبث الحياة، بل إنك تعاملت مع الحياة كأنها لعبة حمقاء، ومازحتها بنفس الطريقة التي يداعب بها نسيم الليل، لهيب شمعة تحترق، كنت تعدو بسرعة، ولم أتوقّف لأفكّر في معنى الحياة الحقيقي.

بينما كان الوقت والشباب ينفذان منك، لطالما حلمت وبنيت أبراجاً من الأحلام والخطط، لكنها تلاشت وضاعت بحسرة، لكنك لم تتوقف عن ممارسة الأحلام، ولم يتسرب اليأس إليك، متمسكاً بالأمل، وبتلك الابتسامة الساخرة، تُرى هل كانت مجرد أوهام؟.

وقد تكتشف أن فصل الخريف يحرك في نفسك مشاعر الحنين، وقد يشعرك بأنك في خريف العمر، قد تشعر بالحنين، للطفولة وللسفر وللمطر، ولتلك المدن التي عشقتها، والتي لا تزال تعيش بداخلك، ولتلك الشوارع التي غطتها أوراق الخريف الذهبية المتساقطة، فهل ستتوقف الآن، وقد رأيت كيف تسربت الأعوام من بين يديك، هل ستتوقف، ولا تزال هناك الكثير من المغامرات الرائعة بانتظارك، وقد تسافر الآف الأميال، وتسمع الموسيقى، وتعيد تخطيط الكرة الأرضية.

لا تجد معنى لكل ذلك، بل إنك تتجاهل الأصوات التي بداخلك، وتمضي صامتاً بلا اكتراث، فقد يفتك بنا الحنين، لكن العالم تغير، وعلينا تقبل التغيير، فهو الشيء الحتمي الوحيد، تقبل تغير الأيام والليالي، وتغير الفصول، وتقبل الخريف، فهو حتماً البداية لشيء جديد، التغيير شيء إيجابي، ويمكن أن نجعله كدائرة تتسع مع الوقت لتشمل الجميع، مهما كان صعباً في البداية، أو فوضوياً، لكنه حتماً سيكون رائعاً في النهاية.