كالعادة، أخذتُ نفساً عميقاً، وأنا أستمع للحوار العنيف والصاخب، بين الضمير والقلم، دون أن أتدخل، وسأنقله بكل شفافية:
قال القلم: يبدو أن مسألة اصطيادك بين الجُمل والنفوس ستبقى مسألة عصية..!
رد الضمير: أصبحنا وأصبح الملك لله.. هل ستبدأ أسطوانتك المشروخة مجدداً..؟
القلم: ويحك..! أياً كنت متصلاً أم منفصلاً.. وإذا أردت أيضاً ظاهراً ومستتراً..!
الضمير: يا لقسوتك أيها القلم.. ما جُرمي الآن؟
القلم: ألم نتفق أن تتشبث بالأرواح التي قررت التنصُّل مِنكَ يا عديم الأمانة، هكذا بكل بساطة نكَصت على عقبيك، ماذا تقول في التجاوزات والهدر المالي والمشاكل الإدارية التي كنت أنت الصراط بينها وبين الحلول، يا ضمير لا تشح بناظريك «فغسيلك» أمامي، أين أنت من كل تلك المحسوبية والواسطة، وظلم الناس واختلال الميزان، أين كنت حينما كان يقف الناس ساعات أمام الأبواب المؤصدة، ليخطفوا توقيعاً مُلحاً على معاملة مستعجلة..؟.
الضمير: بالمختصر المفيد، بِتُّ في داخلهم مجرد مزاج، تارة يرتفع سهمي، وتارة أكون في الحضيض، وبعضهم أحالني للتقاعد مبكراً، ولا أخفيك، الامتيازات جيدة، وبعد سنوات النضال، أحتاج بعض الراحة، يا عزيزي «إنك لا تهدي من أحببت»..!
القلم: يا ضمير.. «خَل عِندك ضمير»..!
الضمير: كِلانا في نفس السكة والطريق، فإن كُنتُ قد تهالكتْ حواسي داخل بعض تلك القلوب، فأنت أداة تخط وتوقع وتكتب القرارات، ورسائل الفصل، وشهادات التقدير لمن لا يستحق التقدير.. هل ستُنكر الآن؟.
القلم: مجبول صدقني، ولو جف مدادي، سيحفرون الأقدار بي.. مجبر أخاك لا بطل.. لذلك، أحثك على أن تستحوذ عليهم قبل أن أكتب مرثيتك قريباً..!
الضمير: أتريدهم أن يتقبلوني ويعملوا بنصائحي، إذن.. اقترح على أصحاب الحل والعقد، أن يصرفوا علاوة «بدل» ضمير، لعل وعسى يتحرك الناس، طالما أن «البعض» مادي بحت..!
القلم: أَتعلم..؟ «الكلام ضايع معاك».. فأنت ضمير مستتر، تقديره «ميت».