تفتح المدارس أبوابها، ويعود الطلبة إلى مقاعدهم في عامٍ دراسي جديد ينطلقون فيه لاكتساب معارف ومهارات جديدة، بعد إجازةٍ صيفيةٍ طويلة قضاها الكثير منهم في ربوع الدولة، وبعضهم بين أروقة المطارات، وبعضهم الآخر تحت سقف المخيمات الصيفية التي اكتشفوا فيها شغفهم، وأطلقوا العنان لطاقاتهم الإبداعية، وأثروا عقولهم بمعارف وتجارب نوعية، وحلقوا في فضاءات الابتكار الواسعة.

ومع بداية الفصل الدراسي الجديد، يمضي أبناؤنا من الطلاب والطالبات في رحلة تعلم جديدة في بيئات تعليمية مرنة صممت لتأهيلهم وإعدادهم للتكيف مع متغيرات العصر واحتياجات السوق، في ظل ما نشهده من تنافسية عالية على استقطاب العقول المبدعة والاستثمار فيها، في عالمٍ تربعت فيه التكنولوجيا على العرش، وأثبت الذكاء الاصطناعي حضوره كوسيلة مبتكرة للتعلم، والتعرف على استخداماته وفوائده لتطويعها في خدمة البشرية، حيث نجحت مدارسنا في الخروج من عباءة التقليدية، وأثبتت جدارتها في أن تكون شريكاً فاعلاً في تحقيق رؤى الدولة الطموحة، التي تركز على إعداد أجيال قادرة على مواكبة المستقبل ومتطلباته وتأهيلهم لقيادة المرحلة المقبلة، وتجهيزهم بالمهارات والمعارف التي تواكب التغيرات العالمية المتسارعة، وفق توجهات الدولة واستراتيجياتها الهادفة إلى دعم الشباب في جميع المراحل ومختلف القطاعات، بما يحقق أهداف «مئوية الإمارات 2071»، ليكون الشباب مصدراً للأفكار الجديدة التي تمثل أساس التنمية الاقتصادية الشاملة.

منظومتنا التعليمية أصبحت اليوم تعي دورها في مواكبة الحراك الثقافي الذي تشهده الدولة، وصارت أكثر استعداداً للتفاعل مع الثقافة والإبداع والفنون، وتعمل بشكل جاد على تطوير وصقل مهارات الطلبة، ما حوَّل مدارسنا إلى منصات تعزز ممارسات الطلبة الإبداعية، وتساهم في اكتشاف مواهبهم وتنمية مهاراتهم، وهو ما لمسناه في مخرجات مهرجان دبي للمسرح المدرسي الذي تنظمه «دبي للثقافة»، والنسخة الأولى من «مهرجان طلبة الإمارات للفنون الإبداعية» الذي تقوده مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، ما يؤكد أهمية الاستثمار في المواهب الصغيرة وضرورة تطويرها في مجالات الفنون البصرية والأدائية المستلهمة من روح ثقافتنا المحلية، عبر توفير بيئة مدرسية جاذبة وداعمة لهم أكاديمياً ومهارياً، ما يساهم في تأسيس جيل فاعل قادر على تعزيز قوة صناعاتنا الثقافية والإبداعية.

مدارسنا منارات معرفة وحاضنات إبداع، وعلاقتها بمؤسساتنا الثقافية علاقة تكاملية تهدف إلى تأسيس أجيالٍ تتحدث لغة المستقبل، وتعزز في نفوسهم عناصر الهوية الوطنية، وترسخ علاقتهم مع تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا، ولغتنا العربية وديننا الإسلامي، وتحفزهم على اكتساب القيم والمفاهيم المجتمعية والوطنية لتعزيز مشاركاتهم المجتمعية الفاعلة في كافة المجالات.

 

* مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي