تتوالى الأحداث سراعاً، وتختلف الصور أمام أعيننا، وتنتشر العديد من المعلومات والأخبار من كل مكان في هذا العالم بشكل أكبر مما يستوعبه إدراكنا. نعتقد أن ما يحدث هو سنة العصر والتطور في هذا الزمن، ونعتقد أنه واجب علينا دوماً أن نشترك بشكل أو بآخر في نقل كل هذا الكم من المعلومات والأخبار وغيرها. وللأسف كثير منا يمتلك الوعي الكافي لفلترة كل هذا، ويميز من هذه المعلومات ما يصلح للنشر والمشاركة، ومن منها الأفضل أن تخفت أضواؤها حفاظاً على القيم والأخلاق أولاً ومنعاً لنشر معلومات تنشر الخوف أو الكره وغيره من السلبية التي تنهش في أرواحنا وعقولنا. مستحيل أن تقول إن كل هذا لن يؤثر بك أو بتفكيرك ورأيك أو يؤثر في أجيال قادمة بأكملها، تأثير الوعي الجمعي والتكرار أخطر بكثير من حتى ما درسته وتربيت عليه.

فأنت هنا بمجرد ذهابك مع هذا التيار تبدأ تسمح لنفسك بالذهاب مع التيار الذي يبدأ هادئاً ومع الوقت تزداد حدته وقوته وجريانه، لتقترب في لحظة من هاوية الشلال، وهنا يكون طريق اللا عودة. قيمنا وأخلاقنا وديننا وتراثنا وعاداتنا أسس قوية، لا تدعو ما يحيط بنا أن يؤثر عليها بشكل أو بآخر. مجرد أن تعي أن لكل شخص وجه نظره ورأيه الخاص به، أي أن هذا الرأي من تربية ترباها هو، وعلم تعلمه هو، وبيئة نشأ بها هو، واختلافات تعنيه هو من قيمه وأخلاقياته وإيمانياته، أي أن كل هذا لا يعنيك أنت. فحدد رأيك مما تمتلكه أنت.

البعض، وخصوصاً في خلال الأزمات والكوارث، ينهار بشكل أو بآخر، ويصب وابل ألمه وحزنه بعيداً عن القضية الحقيقية التي تعنيه، ويبدأ بنشر العداوة والاتهامات فقط ليوجه الآخرين بعيداً عن القضية الحقيقية. هنا يأتي دور وعيك وقيمك وولائك الحقيقي. لا لتدافع لأن لا دفاع عن حقيقة وواقع يسطع كالشمس بل لتكون حقاً بعيداً عن التضليل.

لا يعني أن البعض لا يبكي أو يصرخ أو يشارك الصور أنه لا يعنيه الحدث، لكن لكل طريقته بالمشاركة والمساندة، فربما من هو صامت تكون مشاركته أعظم وأقيم ممن دوى صدى صوته في كل مكان. كن منيعاً بذاتك الحقيقية ثقف نفسك وتأكد قبل الانخراط في موجات الأحداث، ولا تدع صدى الرأي الآخر يجعلك أسيراً له.