منذ طفولتي وأنا أحب أن أكون وسط المجموعة والأصدقاء، أحب المشاركة مع الجميع وأعشق العمل الجماعي، كانت تلك الطفولة كحجر أساس لكل تلك العلاقات التي تبعتها حياتي بمختلف مراحلها. وساعد في ذلك أني شخصية اجتماعية جداً، لا يصيبني رهاب الجماعة أو الارتباك أمام الجمهور.

ومع مرور الوقت واختلاف تلك المراحل في حياتي بجميع أشكالها، واختلاف تجاربها وأماكنها، اختلف كل شيء. لم تعد تلك البراءة كما كانت، ولم يعد الآخرون كما كانوا، ولم أعد أنا كما كنت. بالنسبة لي، فقد تعلمت كثيراً، ومررت بالكثير من المواقف مع القريب والبعيد، تألمت من بعضها، وحزنت وبكيت من بعضها، وأسعدني بعضها. لكن بقي سقف توقعاتي هو السبب الحقيقي بأكثر شعور إيلاماً، وهو الخذلان والانكسار.

أما في وقتنا الحالي ومع تزايد وجودنا في العالم الافتراضي أصبح الاختيار أصعب، فالتمييز بين الحقيقي والمزيف ليس بالأمر السهل، إضافة إلى أن الكم والعدد الأكبر من المتابعين أصبح هم معظم المتواجدين في العالم الافتراضي. ولا يهم الكيف، أي الطريقة التي ستزيد هذا العدد. وللأسف لم تعد للقيم والمبادئ سوى أن تحارب بين كل هذه التحديات للبقاء. ومن يصفقون لك اليوم في لحظة ينقلبون ضدك ويحاربونك. ومن ينفخ البالون أكثر مما ينبغي في النهاية سينفجر هذا البالون في وجهه، وكذلك من نعطيهم أكبر من حجمهم.

أما الآن ربما نكون أو أكون بين الجميع وما زلت استمتع بوجودي بين الجماعة والعدد الكبير أياً كان، حقيقي أم افتراضي، لكن تبقى قيمة الصديق الحقيقي هي الأعلى في ترتيب قيمي. وكل ما مر الوقت وتعلمت أكثر من تجاربي، كلما زاد نضج شخصيتي، لكن لا أعلم لماذا يتقلص عدد الأصدقاء أو الأشخاص الحقيقيين في حياتي.

فلنعد ترتيب حساباتنا وقيمنا ومبادئنا، لأنها يجب أن تقدر بالكيف وليست بالكم.