في سباقات الماراثون، يحتاج العداؤون أخذ أنفاسهم وشرب القليل من الماء، وبوتيرة وأخرى بين السرعة وبين البطء في تلك الخطوات، وإن لزم الأمر التوقف تماماً لأخذ نفس عميق يشحن طاقة العداء ويعيد نشاطه ليستمر لنهاية السباق.

أجل هكذا الحياة ماراثون كبير نتسابق فيه ونركض بوتيرة مختلفة بين السرعة والوقوف والمشي، لكن ينسى البعض أن يتوقف ليأخذ هذا النفس.

هذا الفاصل الذي نقرر نحن فقط أن نأخذه، ونختار أننا في هذا الوقت وفي هذه اللحظة أننا نحتاجه، لكن هناك من يصر على الاستمرار بالركض رغم هذه الحاجة الملحة لجسده وصحته وعلاقاته وحياته كلها، لكنه يتجاهل هذا النداء الداخلي ويستمر، يستمر لا يرى سوى تلك الخطوة أمامه، ولا يعلم ما يدور حوله، وللأسف ربما يفوته الكثير، من كل هذه الحياة لأنه في ماراثون حياة أخرى.

لا يعلمون أن هذا التوقف والفاصل هو ما يتيح لك أن ترى الصورة كاملة، وربما تعيد ترتيب الخطة وتعديل الاتجاه، وأحياناً أخرى يكون وقتاً للتنظيف حتى نتيح لمساحة جديدة بداخلنا استقبال نوايانا وأهدافنا.

لن يعطلك هذا الفاصل أو هذه اللحظات التي ستأخذها لتعيد وتيرة أنفاسك لطبيعتها، ولن تؤخر خطواتك بل على العكس هذه هي اللحظات التي ستعيد شحن قواك وتفكيرك وجسدك، والتي ستجعلك لا تفوت أي لحظة تحتاجها لمتابعة الرحلة والمسير.

اعط نفسك هذه اللحظات وامنحها هذا الفاصل، لكن لا تطيل الجلوس هناك، فكل ما زاد عن حده سيكون له التأثير العكسي في النتيجة حتى لو كان هذا الشيء إيجابياً.

فواصل الوقوف والتنفس هي بمثابة عتبات لنقلات جديدة في حياتنا، وفصل جديد نبدأ بكتابته ونظرة جديدة للحياة ربما في هذه اللحظات القليلة تغير فيها أشياء كبيرة وتتخذ قرارات تغير مسار حياتك بأكمله.