من عظيم لطف الله بك أنك اليوم تعيش لتؤدي رسالتك وتعبد الله بعمارة الأرض. ومن حسن حظك أيضاً أن من أسمائه الحسنى «اللطيف» ليلطف بحالك، والذي جاء في تفسير السعدي ما معناه أنه «الذي لَطُفَ علمه حتى أدرك الخفايا، والخبايا، وما احتوت عليه الصدور، وما في الأراضي من خفايا البذور»، والشرح في معنى اسم الله عز وجل «اللطيف» يطول.
ولكننا اليوم نريد أن نرى اللطف في حياتنا، وما إن كنا نجيد ممارسته حقاً؟ فنحن نطلق هذا اللقب على أولئك الذين تغلب عليهم سمة الهدوء أحياناً واستخدام أفضل الكلمات ثم نلحق أسماءهم بكلمات مثل: طيب جداً أو أن فلان لطيف لمجرد أنه يبتسم كل صباح في وجوه كل من يقابل في طريقه، كما أن النادل في المقهى نقرر أنه لطيفٌ جداً لمجرد أنه يقدم لنا القهوة مع كلمات مثل: تفضل سيدي.. يومك سعيد سيدتي
ونقرر أيضاً أن الكثيرين ممن حولنا لطفاء لمجرد أنهم فعلوا فعلاً واحداً جيداً لنا، ولكن الطامة تكمن في الخطأ الواحد الذي يرتكبونه! فيتحولون من قائمة اللطف إلى القائمة السوداء، ثم ما هو أصعب من ذلك أننا نستصعب أن نقول لمن اعتدنا لطفهم كلمة مثل: أنت لطيف.. شكراً على لطفك! وتلك آفة أخرى.
في هذا اليوم الجديد الذي حصلنا فيه على فرصة جديدة للعيش، نود أن نصحح مسارنا وطريقة تفكيرنا تجاه اللطف! إنها فرصتي وفرصتك أيضاً..
نود لو أننا نرى أن اللطف أمرٌ يستحق الشكر والامتنان لأصحابه مهما كانت المسافة بيننا. إننا نرى في أولئك الذين يتحدثون بلغة القوة انعكاساً سيئاً فيستحيل أن تطرأ على أذهاننا كلمة مثل هذا الشخص لطيف! رغم أنه نفسه قد يرى طيراً فيضع له ماءً لنرى حجم اللطف الذي يملأ قلبه. كما أنني أدعوك لأن تتأمل جمال هذه السمة في أسرتك.. والديك.. أبنائك.. أشقائك.. أصدقائك، وزملائك في العمل، وسترى حتماً كم أنت محظوظ بلطفهم!
وسترى أيضاً أن سمة اللطف قد تجتمع مع الأشخاص ذوي الجأش القوي وأصحاب النظرة الحادة أحياناً، وقد لا تتوقع أن ينالك شيء من لطفهم البتة فتتفاجأ بكلمة تذيب قلبك وتنير دربك وتمسك بيدك لتضعك على الطريق السليم، كما أن «اللطف» جديرٌ بأن تستشعره وتبحث عنه في نظرات الأطفال وكلمات الكبار وابتسامة الفقراء وعطاء الأغنياء ودموع الرحماء ومؤلفات الشعراء وتأمل العُبّاد.
سترى معنى اللطف حقاً عندما يمارسه القوي أكثر من الضعيف بحسب تصنيفك للبشر، والأهم أنك سترى نتائج وتأثير اللطف بكل تأكيد عندما تكون أنت ذو قدرة على الشدة ولكنك تؤثر التعامل اللطيف بقلبك وعقلك مع كل من هم حولك. وكما قيل: فإن اللطف سمة الأقوياء!