كثيرة هي تلك الغربان التي تصعق السماء بنعيقها الصاخب حتى باتت أجنحتها ترفرف على طبق من الفراغ المميت، شتان ما بين تغريد البلابل التي أخرجت نفسها من بين الأسلاك الحديدية، وما بين غربان جعلت من نفسها مادة متناولة للجميع!
وحين تصبح كذلك تأكد تماماً بأنك سوف تصرخ إلى أن تصبح حبالك الصوتية تجهز نعشها قبل الممات! كثيرٌ ممن ينادي بالحرية وهو من أقفل الأصفاد على يديه بتفكيره المبهم، فهو يكتب في قائمة الأهداف وكأنه يحضر لموسوعة علمية قيمة، وحينما تسأله في نهاية الزمان عن ذلك الحصاد، يردد لك «كل شي في وقته حلو»، إلى أن ينتهي الوقت وهم لا زالوا يتحدثون ويصرخون بأحلامهم وطموحاتهم، ولكن يا ترى هل هناك من ينتظرهم؟ وهل ستصبح تلك الأحلام أوهاماً دار عليها الزمان، لأن أصحابها أصبحوا يغمسون أقلامهم في دماء قلوبنا، ثم يدّعون أنهم مطالبون بالنجدة ولكن لا أحد ينصت إليهم؟!
الشعور بالفراغ قاتل حقاً، فهو يجعلك تنظر للحياة بزاوية مملة إلى أن تصبح انعكاساته السلبية على ذاتك، حتى يغدو ذلك الفراغ هو العدو الأكبر لك! حاول أن تخرج نفسك من تلك الكوة الحارقة من خلال عمل قيّم يجلب لك المنفعة، ويدفع عنك المضرة، كما يقول المثل «اللي ما عنده عمل يكاري له جمل واللي ما عنده حيلة يلعب بالتيلة»، حاول أن تنمي مواهبك وقدراتك في ذلك الوقت حتى يصبح لوقتك قيمة.
ادخل في دائرة يحيطها أشخاص ناجحون ومتفائلون حتى ينقلوا لك عدوى النجاح، ولهذا نجد أن البعض يسألك من هم أصدقاؤك؟ ومن ثم يخبرك عن مستقبلك! لا تضع نفسك في مكان لا تسمع به سوى جملة واحدة وهي «في قيد الانتظار»، أثبت نفسك واجعل لأقوالك وأفعالك قيمة حتى لا يأكلك سم الفراغ، وتصبح رماداً كتب على قبره «قتل على يد ذلك الفراغ القاتل»!
لا تعلق ذاتك في فضاءٍ يكسوه الفراغ، اكسر ذلك الفراغ بذكائك حتى لا تكسر أجنحة الزمان مجاديفك.
اعمل بجد واجتهاد حتى يسمع العالم صدى صوتك، ولا تجعل نفسك في موضع الحمقى! أثبت نفسك بنفسك حتى يذكر اسمك في خانة الناجحين، وتصبح لكلمتك قوة في زمن القيل والقال.
كن أسداً ولا تكن ضبعاً، وإن لم تكن أسداً بقوتك وذكائك فلا تكن فريسة سهلة لتلك الأسود.