بعض الأدوار تركن في زوايا ضبابية حتى يصبح إخراجها مختوماً باسم الغموض والتشويش إلى أن تخرج من الدائرة سيناريوهات تجعل أصحابها يفقدون الأدوار الرئيسة حتى في حياتهم الواقعية. تبحث أعينهم عن البطولة وإن لم يحصلوا عليها يصبحون كومبارس يؤدون أدواراً ثانويةً حتى لا يقعوا في حفرة النسيان. لعبة المشاهدات التي أحدثوا بها صراعاً وحرباً وإن سنحت لهم الفرصة لرأيناهم يخطون خطواتهم وعلى جبينهم يكتب عدد المشاهدات حتى إنهم أصبحوا يظنون أنهم محور الكون ومصدر الإلهام في هذا العالم.

حينما تفتح الكاميرا يبدأ الفيلم الرهيب المفعم بالتباهي والتفاخر كأنهم ولدوا وفي فمهم ملعقة من ذهب وفي المقابل تكون تلك المشاهد التي يعتليها رداء الزيف ترويجاً لشركات وإعلانات مدفوعة الثمن.

تجدهم يروجون لمنتجات التخسيس كأن تلك المنتجات لها طابع سحري يجعلك نحيفاً في أسابيع. يا للهول إذا كانت فعاليتها هكذا لماذا يتوافدون هم بذاتهم في عيادات التنحيف والتجميل؟ أمر محير فعلاً أن تلك الشاشات تظهر لنا عالماً مزيفاً تجعل المشاهد يشعر بالنقص والخلل في حياته الواقعية. قاعدتهم الأولى الخروج عن النص المكتوب بكلمات وأساليب بذيئة حتى تبدأ لعبة «الترند» لا يهم ماذا يكون الخبر ولكن الأهم أن تتصدر أسماؤهم الهاشتاقات حتى تزداد أرقامهم وتمتلئ أرصدتهم البنكية.

فهم يمشون على مذهب «يكذب الكذبة ويصدقها» فلعبة الإشاعات لعبتهم فهم يتحكمون في تلك اللعبة لمصلحتهم فإذا كانت تلك الإشاعة تجعل أسماءهم متداولة تجد كأن أحدهم ربط على لسانهم بخيط من لهيب حارق وهو قبلها بساعات لم يترك لنا قصة من وحيه الخيالي إلا وقد سردها. غريب أمرهم يجعلون الخبر ينتشر كالنار في الهشيم ويجعلون المشاهد هو من يبحث عن الحقيقة.

وحينما يتعدون الخطوط الحمراء وتبدأ مشاعر الخوف تدخل قلوبهم يبدؤون بتصوير مشهد حزين ودموع التماسيح تنهال من أعينهم وهم يقدمون اعتذاراً عن الخطأ الفادح الذي يكررونه مراراً ولكن لماذا يكون السيناريو هو نفسه في كل مشاهد الاعتذار وهو أنهم لم يعلموا كيف تم نشر تلك المشاهد؟ من الممكن أن هناك أشباحاً يعيشون بينهم ولكن تذكروا جيداً أن تلك الأشباح تظهر وتختفي متى يشاؤون.

بالرغم من ذلك نجد من يصفق لتلك الفئة ويدعمها. يرمون كل التهم على الزمان وهم لا يعلمون أن الزمان يبكي خجلاً من أفعالهم المخزية. لا تجعلوا من الحمقى مشاهير حتى لا نصبح في زمنٍ نرفع به الجاهل ونتجاهل به العالم حينها تشرح أبيات الإمام الشافعي واقعنا الأليم بقوله «نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا.. ونهجو ذا الزمان بغير ذنبٍ.. ولو نطق الزمان لنا هجانا.. وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ ويأكل بعضنا بعضاً عيانا».