ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع. ولا يقع في الدحل سوى المتسلقين على أكتاف الآخرين الذين يجيدون فن الظهور على حساب غيرهم، ولكن عجباً ألا يظنون أنهم حينما يحلقون باتجاه القمة قد تلتوي أجنحتهم الواهنة وتكون تلك الهجرة بلا عودة. كثيراً ما نشهد وجود تلك الفئة وانتشارها فهم يجيدون فن التملق وسرقة جهود الآخرين وهذا الفن لا يمارسه سوى الجبناء الذين يعملون بحرفية لتحقيق مصالحهم الشخصية أو لأهدافهم الخاصة ولكنهم لا يعلمون أن الزمان حينما يدور يجعلهم يتذكرون حقاً أن الحمقى مهما علا ارتفاعهم على حساب غيرهم إلا أن هناك من سيعيد لهم تلك اللكمة بطريقة مشابهة.

هناك من يعمل بإخلاص وبصمت تام ويكون وراء تحقيق إنجازات عظيمة ولكن هناك من يصادر جهود تلك الأفواه الصامتة ويضعها في جيوبه الفارغة. تلك الفئة تعمل على سحق وتهميش الآخرين لضمان بقائهم في أماكن التتويج والنصر ليخطفوا الأضواء ونجاحات غيرهم وينسبون عرق جبين غيرهم لهم. فهم فئات لا يستطيعون أن يكملوا يومهم إلا وهم معتمدون على الآخرين في حياتهم، فهم يظنون أن أكتاف الغير سلم يخطون به خطواتهم المتدرجة ليصلوا إلى أهدافهم.

التسلق على أكتاف الآخرين لا يعد مجداً بل هو نجاح زائف ولا بد من أن ينسدل الستار عن تلك المسرحية الوهمية وتنكشف من الشخصية الرئيسة ومن تقمص دورها وضحك على نفسه وعلى الناس بسيناريو كتب لشخصية عظيمة وأدى ذلك الدور «كومبارس» مبتدئ تعود نطق عبارات متكررة وأبرزها: أنا فعلت، أنا عملت. فداء النرجسية سيطر عليهم سيطرة تامة وجعلهم يتمادون أكثر ولكن هنا يأتي السؤال أين حقوق المجتهدين الذين سلبت على أيدي هؤلاء المتسلقين؟ 

لكل شخص مهنة ولكل شخص مساحة يبدع فيها فلو كانت الوظائف متشابهة والمهارات والمواهب متماثلة لدى كل شخص لما أصبح للتميز أي طعم. فتأكد حينما تسلب جهد غيرك يأتي وقت وتنكشف حقيقتك المصطنعة فالظهور المصطنع لا يحجب الحقيقة وهذا ما يؤكده ذلك المثل الشعبي: لو كل من يا ونجر ما تم في الوادي شجر. 

من يتخذ هذا الأسلوب نهجاً له في سبيل تحقيق أهدافه تجده يجيد التمثيل والتهميش وفبركة الحقائق لما يتناسب مع مصالحه الشخصية. فهناك من المتسلقين من يتحدث بكلامه المعسول أمامك وحينما تخالفه يتناولك بلسانه ولا يترك فيك خصلة حميدة إلا وقبحها، يا للعجب. حينما نصفق لهم يبتسمون لنا وحينما نتناقش معهم يحاولون أن يجدوا أقرب مخرج لهم حتى لا تنكشف حقيقتهم المرة وهي أنهم تسلقوا للقمة على ظهور غيرهم. تجد أحدهم ينشر أنه أنجز مهمة وأتقنها وهو في النهاية لا يملك لا ناقة ولا جملاً. تلك الفئات تلبس أقنعتها متى ما أرادت والصامتون في مقاعدهم ينتظرون أن تضاء الأنوار عليهم فهؤلاء الذين يعملون بلا ضجيج تأكدوا حقاً من أنهم الأبطال في تلك القصة.