توثق هيئة أبوظبي للثقافة والتراث 25 موقعاً من المواقع الأثرية بجزيرة دلما، والتي قام فريق المسح الأثري لجزر أبوظبي بتسجيلها في 1993 في الجزيرة، وذلك وفق أساليب عملية وعلمية حفاظاً على تراث وحضارة حقبة تاريخية مهمة في الدولة.
ويعود بعض المواقع التي تم توثيقها إلى القرنين الثامن والتاسع عشر الميلاديين من 400 -800 بعد ميلاد المسيح عليه السلام بحيث تشتمل المواقع على مقتنيات ومبان ومساجد أثرية نادرة. ومتحف دلما التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث يضم آبارا ومقتنيات من قطع فخارية وأدوات وآلات وآثارا مادية متنوعة، تعود لمئات السنين كما تنتشر على ارض الجزيرة شواهد تاريخية مثل حصوات الغوص المصنوعة من الحجارة وأخرى مصنوعة من الرصاص، وجزء من المحار الذي احتوى على اللؤلؤ والجرار التي تحفظ المياه وغيرها من المواد الأثرية التي تدل على أصل وحرفة سكان دلما في الماضي.
كما أن وجود المباني الأثرية كالمساجد والبيوت وآبار المياه الصالحة للشرب يدل على استقرار الناس بالجزيرة منذ زمن، ومن بين المباني الأثرية مسجد محمد بن جاسم المريخي وبيت المريخي والذي أعيد ترميمه ليكون موقعاً لمتحف دلما، إضافة إلى مواقع كان لها دور تاريخي وحضاري لافت في أن ما تم الكشف عنه في هذه المواقع يعود إلى حضارة عمرها إلى سبعة آلاف عام.
كثافة سكانية
وتكشف الآثار التراثية والمزارات السياحية عن الكثافة السكانية والوعي الثقافي في الجزيرة، كما تعود الزخارف الموجودة على شبابيك المباني والمساجد المكتشفة إلى الفن العربي الإسلامي حيث استخدم أهلها في الماضي المواد المحلية كجذوع النخيل والأحجار والحصى والأخشاب في البناء.
وتقع أهم مغاصات اللؤلؤ جنوب جزيرة صير بن بونعير وشرق جزيرة حالة البحراني وحول جزيرة بوطنية كما أن هناك مغاصات تقع شرق جزيرة داس وبين جزيرتي زركوة وأرزنة، وحول جزيرة دلما وغرب جزيرة صير بن ياس وحول جزر مكاسب والقفاي والمهيمات وغاغة والواقعة إلى الشمال من سواحل إقليمي المجن وسبخة مطي.
أهمية اقتصادية
وقد ساعدت عدة أسباب في الماضي لجذب السكان إلى الجزيرة منها أن تربة الجزيرة صالحة للزراعة، إلى جانب وجود عيون مياه الشرب ويغلب على طبيعة دلما الجيولوجية الجبال والتلال الغنية بالمعادن المتنوعة مثل خام الهيماتيت وخام الحديد والأحجار الملحية والكوارتز ومن أشهر تلالها تل منيوخ دلما وتل أبو عمامة وجرن العصافير وموقع النبع ـ شعبة هزيم. وتشجع مياه دلما على ممارسة رياضة الغوص ومشاهدة أنواع من الأسماك والشعب المرجانية المتعددة الألوان.
يذكر أن الشكل الجغرافي والهندسي لجزيرة دلما بيضاوي، وتبلغ مساحتها 60 كيلومترا 10 كيلومترات من الشمال إلى الجنوب و6 كيلومترات من الشرق إلى الغرب ولها بروز ضيق عند طرفها الجنوبي، ويحيط بالجزيرة سلسلة جبال بركانية من جهة الشمال ويبلغ ارتفاع أعلى قمة فيها 244 قدماً فوق سطح البحر ويستخرج سكان الجزيرة الماء من الآبار التي هجرت حاليا وكثير منها اختفى تماما بفعل عامل الزمن.
واشتهرت جزيرة دلما في الماضي بإنتاجها الغزير من اللؤلؤ حتى وصل عدد سفن الغوص فيها إلى مئة سفينة وكان عدد غواصي كل سفينة يختلف بين الأربعين والمئة والخمسين، فكان يصل عدد سكان دلما في ذلك الوقت إلى أكثر من عشره آلاف نسمه في موسم الغوص مع سكان دلما وتجار اللؤلؤ. واشتهرت ايضا الجزيرة بصيد الأسماك كمصدر رئيسي للغذاء وتم العثور علي عظام أسماء في الحفريات يعود عمرها إلى أكثر من سته آلاف عاما في احدي المواقع الأثرية في الجزيرة ، ومازالت دلما تنتج الأسماك وتصدرها للخارج .
وأصبحت الجزيرة اليوم مدينة كاملة الخدمات من جميع النواحي ومن ضمنها الاهتمام بالآثار ويظهر ذلك في الاهتمام بترميم المباني التراثيه والتنقيب المستمر عن الآثار وكذلك يوجد في دلما الآن جميع المرافق من التعليم والخدمات الصحية والأمنية والماء والكهرباء والأشغال والبريد والنوادي وخدمات البنوك الفنادق والجمعيات التعاونيه وغيرها الكثير من الخدمات التي تزخر بها دلما الحديثة.
وتتضمن إحدى مجموعات مباني القرن التاسع عشر التي تم ترميمها مؤخرا على الجزيرة منزلا لتاجر لؤلؤ مشهور يخص عائله المريخي، في حين تتضمن خزفيات عثر عليها خلال عمليه ترميم أسس مسجد مجاور كسرات فخارية تعود إلى أوائل العصر الإسلامي المتأخر.
محطة المسافرين
تقع جزيرة دلما في جهة الغرب من إمارة أبوظبي في الخليج العربي، وهي الجزيرة الوحيدة المأهولة بالسكان من أصل 200 جزيرة تقع بالخليج ويبلغ عدد سكانها ما بين 7000 إلى 8000 نسمة من مواطنين ومقيمين، ويمكن الوصول إلى الجزيرة إما عن الطريق البري أبوظبي ـ جبل الظنة إلى ميناء المغرق، وتبلغ المسافة 260 كيلومترا، وإما عن طريق الجو من مطار ابوظبي الدولي وتستغرق الرحلة 45 دقيقة إلى مطار الجزيرة. وتؤكد الروايات وكتابات الباحثين أن دلما كانت ملتقى لتجار اللؤلؤ ومحطة استراحة للمسافرين عبر البحار ونقطة هامة لتجمع الصيادين والتجار منذ القرن السابع عشر الميلادي.
عبدالله محمود