تراث

القلاع والحصون.. آثار شامخة تجسد أصالة الماضي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

من المعالم الحضارية التي تؤرخ لنشأة الدولة وتأسيس بنيانها، الحصون والقلاع المنتشرة على جبال وروابي كثير من المناطق، حيث تعد منطقة الخليج من المناطق المشهورة بهذه القلاع ذات الطابع الدفاعي، والحصون التي يسكنها كبار القوم، وفي الدولة تنتشر هذه القلاع في جميع الإمارات دون استثناء، وغالبها تم ترميمه وصيانته والمحافظة عليه.

وأصبحت ضمن المباني التراثية التي هي مزار للسياح الأجانب وللمقيمين في الدولة. وكانت الحصون والقلاع والأبراج التي بناها السكان قديماً في الدولة على مر العصور بمثابة الأبراج المدافعة عن التجمعات السكنية، وقد بنيت الحصون بحيث تتضمن أساساً عدداً من الأبراج والمتاريس القائمة بذاتها، والتي تطل باتجاه الخارج لكي تتيح للمدافعين أفضل رؤية للأعداء إذا ما حاولوا الاقتراب من الجدران التي تصل بين هذه الأبراج.أما عن طبيعة مواد البناء التي كانت تستخدم في بناء هذه الحصون فإنها كانت تختلف تبعاً للموقع الذي تقام عليه وطبيعته وما يتوافر في هذا الموقع أو ذاك من مواد، ففي المناطق الجبلية التي تشرف فيها الحصون على السهل لحمايته، كما هو الحال في مزيد المحادية لحدود سلطنة عمان، أو في الحصون التي تحرس ممراً عبر الوادي.

كما هو الحال في البثنة، تستخدم الحجارة لبناء الجدران والأبراج، أما في الواحات والصحراء فقد بنيت الحصون كلياً من الحجر المصنوع من الطين والقش المجفف بواسطة الشمس كما هو الحال في مدينة العين، أما على شواطئ أبوظبي ودبي والشارقة وغيرها.

فقد استخدمت الحجارة المرجانية التي تستخرج من قاع البحر، وكانت توضع بعد أن تغسلها مياه الأمطار في صفوف مرنة، حيث يصنع السطح الخارجي للجدار من طبقة ناعمة من الطين، أما السطح الداخلي للجدار فقد كان يتم كساؤه بطبقة من الجص وأحياناً بطلاء أبيض، واستخدمت جذوع أشجار النخيل كعوارض لسقوف الحصون، ثم أضيفت إليها الأخشاب المستوردة مثل «الصندل» لتقويتها.

ويتم تصميم الحصون والقلاع بأشكال مختلفة بحسب الموقع والمكان الذي يفترض من خلاله مراقبة الأعداء، فالطابق الأرضي أو الطابق الأول للحصن يخلو من أي نوافذ على الخارج، اللهم إلا من فتحات صغيرة، وكانت التهوية والإضاءة الطبيعية تتم بفضل الساحة الداخلية الواسعة للحصن، الذي يؤدي إليها بباب خشبي متين هو الباب الرئيسي، أما دخول وخروج الأفراد من الحصن، فإنه كان يتم عبر باب صغير آخر يشكل جزءاً من الباب الرئيسي.

أشهر وأقدم الحصون

من أشهر هذه القلاع قلعة الكبيرة الواقعة في قصر الحصن المقابل لشاطئ البحر، بمسافة مأمونة ويعتقد أن المبنى الأصلي كان قد تم بناؤه بأمر من المرحوم الشيخ شخبوط بن ذياب آل نهيان الذي حكم ابوظبي في الفترة بين 1793م وحتى 1816م، والحصن بتصميمه القديم مربع الشكل ذو برجين مربعين وآخرين مدورين، وكان قصر الحصن في تلك الفترة مسكناً للحاكم وعائلته.

كما كان أيضا ملجأ لسكان المنطقة في أوقات الحروب والنزاعات، ويقال انه أقدم الحصون في الدولة، بني خلال فترة حكم المرحوم الشيخ سعيد بن طحنون في الفترة ما بين (1845- 1855 م) وقد تمت إضافة توسعه رئيسية أخرى عام 1939م خلال فترة حكم المرحوم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان (1928- 1966م) لكي يتسع لجميع أفراد عائلته.

ويذكر أن المرحوم الشيخ شخبوط قرر أن يبني قصرا أكثر جلالاً وهيبة حول الحصن الطيني القديم، وعند انتهاء البناء كان المبنى مشابها للحصون والقلاع العربية القديمة، وكانت مساحته الكبيرة وارتفاعه يمنعان أي هجوم على المدينة، سواء كان من البر أو البحر، وبعد ذلك مر القصر بالعديد من التعديلات والتوسعيات حسب الحاجة، وفي عام 1979م ، أمر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، بضرورة تجديد بناء المبنى المخصص لسكن العائلة الحاكمة، وتم ترميمه وسط الثمانيات من القرن الماضي.

دبي ومعالمها التاريخية

من أبرز المعالم التاريخية في دبي، والتي تعتبر من المواقع السياحية الهامة، حصن الفهيدي الذي بني حوالي عام 1800م ويعتبر أقدم أثر في الإمارة، وقد خدم الحصن عدة أهداف قبل تحويله إلى متحف إذ كان يؤمن الحماية للمدينة، ومقراً للحاكم في نفس الوقت، ومخزناً للذخيرة وسجناً للخارجين عن القانون.

وعندما تحول إلى متحف للأثرياث افتتحه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي في مايو عام 1971م قصد به إبراز الحياة التقليدية للإمارة التي اختفت معالمها التقليدية مؤخراً بفعل التحديث، وقد بني الحصن على عدة مراحل بإضافة عناصر جديدة حسبما تقتضي الحاجة، ففي المرحلة الأولى تم بناء منصة دائرية في إحدى الزوايا الأربع للجدران التي تحيط بالفناء الذي تبلغ مساحته 723متراً مربعاً، ويتضمن البناء باباً خشبياً للمدخل الجنوبي.

وبركة ماء في منتصف الفناء المفتوح، وقد زيد ارتفاع مركز المراقبة، وأضيف كذلك برج دائري جديد في الزاوية الشمالية الشرقية من الحصن، ثبتت فيه المدافع، في مرحلة لاحقة بين أعوام 1900-1920م وبني مخزن صغير للأسلحة في الجزء الشمالي الشرقي من المجمع لكنه أزيل مؤخراً، كما أضيف في تلك المرحلة برج مستطيل، وأجريت العديد من عمليات التحسينات مثل بناء ثكنة عسكرية وغيرها.

كما تعد قلعة نايف الواقعة في قلب ديره، من المعالم الأثرية البارزة في دبي وهي تروى ببنائها قصة التطور المعماري في هذه المنطقة، وكانت في الماضي البوابة الشمالية للمدينة حيث أنها تعتبر أول مبنى بالنسبة للزائر من جهة الشمال، ولا يعرف على وجه التحديد عمر المبنى إلا أنه من الشكل الخارجي يظهر أنه قد بني على مراحل متعددة، وبعض الجدران أقدم من البعض الآخر.

وقد يقدر عمر المبنى الحالي بحوالي مائة عام وربما أكثر، وكان المبنى في الماضي يستعمل كمركز للحكومة وفيه المحاكم والسجون كما يستعمل في الدفاع عن المدينة، وتتكون القلعة من مبنى مربع الشكل بأطوال 150150 قدماً وفي المنتصف فناء رحب محاط بالأسوار من جميع الجوانب وتتضمن القلعة برجاً قصيراً في الزاوية الشمالية الغربية مستطيل الشكل وبارتفاع حوالي 13 متراً ويحتوي البرج على فتحات ضيقة في اتجاهات وزوايا مختلفة لإطلاق النار منها .

كما يحتوي المبنى على بوابة ضخمة سميكة من الطراز القديم منحوتة بزخارف هندسية وهي بحالة جيدة، والقلعة مبنية من المواد التي كانت تستعمل في بيوت ومباني المنطقة وقد بنيت القواعد من صخور بحرية صلبة مضاف إليها مادة الجص للربط بينها، أما الجدران فقد بنيت من صخور بحرية مصفوفة على طبقات وفيما بينها الجص كمادة رابطة.

حصون وقلاع منسية

ومن القلاع التي عرفت على مستوى الدولة، وهي اليوم تحكي قصص من الماضي، قلعة ضاية القلعة العسكرية القديمة التي تقع في إمارة رأس الخيمة شرق مدينة الرمس، والعديد من الحصون والقلاع والأبراج مثل قلعة الزباء برأس الخيمة، وقلعة دبا الفجيرة وقلعة البديه والحصن القديم بعجمان وقلعة أم القبوين.

وحصن المربع في مدينة وبرج عيال ثاني وهو برج قديم في مدينة دبي، وحصن الشارقة حصن كبير وضخم به برجان أحدهما كبير والآخر صغير ويتكون من طابقين وقد هدم معظمه، ثم أعيد بناؤه من جديد، وقلعة الفجيرة ويعود تاريخها إلى أكثر من 300 عام، وقلعة البثنة في قرية البثنة بالفجيرة ويعود تاريخها إلى أكثر من 250 سنة، وحصن الغيل بالقرب من مدينه كلباء وبرج طلاع الواقع في منطقة الخان بالشارقة، أما حصنا فيلي فيقعان في وادي المدام بين الشارقة والذيد.

وشيدا من الحجارة والجص، الأول يقع على تلة صغيرة ويبلغ ارتفاعه 10 أمتار فوق سطح الأرض، وهو حصن مستطيل طوله 22متراً وعرضه 18 متراً ووسطه برج كبير، والآخر يبعد عنه بمساقه 500 متر تقريبا وقد بدأت جدرانه تتساقط من الأعلى، وكنا قد قمنا بتصويرهما وهما في حالة مهملة، ويبدو أن إدارة المباني التراثية في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة قد تنبهت لذلك، فأرسلت لجنة مكونة من مدير الإدارة وفنيين ومختصين، وقامات اللجنة بصورة أولية بتسوير القلاع، استعدادا لترميهما وصيانتها وإدخالهما إلى دائرة تصنيفات المباني التراثية وفتحهما في المستقبل للسياح والمقيمين لزيارتهما.

جميل محسن

Email