إتقان مهنةٍ كصيد الأسماك في منطقة لا تجود أرضها بثروات طبيعية، أمر تطلب اجتهاداً في تطويع كافة الأدوات المتاحة، وتتربع مهنة الصيد على عرش المهن التي مارسها الأهالي في المنطقة والظفر بمكنونات البحر أمر اقتضى جهداً في البحث عن أداوت الصيد الماهرة، ومنذ تعرف الأهالي على صيد السمك وهم يستخدمون الأدوات ذاتها بحرفية عالية، هنا نحصر أدوات الصيد ونغوص في تفاصيلها، العائمة على سطح المياه والمغمورة في أعماقه، القرقور والليلخ والميدار.. أدوات غاية في البساطة جادت بخيرات البحر ولا تزال.

الأداة التي تُعتبر الأكثر شُيوعاً بين أدوات الصيد تُسمى القراقير ومفردها قرقور، وتنطق محلياً جراجير، وهي أقفاص بيضاوية الشكل صنعت منذ بدايات نشأة مهنة الصيد لدى سكان السواحل بسواعد الأجداد الذين استخدموا سعف النخيل أو أنواع معينة من الحطب، وحديثاً الأسلاك المستوردة من الهند، وتتراوح أحجام القراقير باختلاف استخداماتها، فمنها الكبيرة المسماة «الدوباية»، ويتراوح طول القرقور بين نصف متر ومترين للأنواع الكبيرة. وتعتمد فكرة القرقور على اعتباره مصيدة تدخلها الأسماك عبر فتحة دائرية على أحد جوانب القرقور تكون على شكل مخروطي تضيق عند النهاية لمنع هروب الأسماك للخارج، ويتم بعد حين إخراج حصيلة الأسماك من فتحة مؤقتة على الطرف الآخر تُسمى «بابه»، واستُخدم «الييم» كطعم وضع داخل القرقور للأسماك، و«الييم» عجينة من الطحين أو أسماك العومة «اسماك السردين» أو المحار وبعض الأعشاب والطحالب البحرية، ويختلف نوع الطعم حسب نوع الأسماك المراد صيدها. وتختلف أماكن غمر القراقير بين مياه ضحلة وأخرى عميقة، وبرعت القراقير في اصطياد أسماك الهامور والصافي، وغيرها من الأنواع الأخرى، وهي أحد أكثر أدوات صيد الأسماك استهلاكاً، حيث تنشط تجارة القراقير المصنوعة من الأسلاك المعدنية بشكل كبير.

أدوات الصيد... وشكلت الشباك على اختلاف فتحاتها ومواد صنعها أداة أساسية من أدوات الصيد، والتي صُنعت من مواد كالخيوط القطنية والكتانية المجلوبة من إفريقيا والهند، أو نوع آخر مستخرج من النخيل «الكرب»، وسُميت عملية صناعة الشباك «الطراقه»، والتي كانت حرفة مهمة عند الصيادين، وتُعلق على أطراف الشباك أثقال على هيئة حجارة، تتسع فتحات الشباك أو الألياخ أو الغزول اعتماداً على نوعية الأسماك المراد اصطيادها. والنوع الأول يتسم بفتحاته الواسعة يصل عرضها إلى ثلاثة أصابع، تُستخدم لصيد الأسماك الصغيرة مثل البدح والصافي، وشاع نصب الألياخ في المناطق البحرية الضحلة، أما النوع الثاني من الشباك فهي أكثر استاعاً، بهدف اصطياد الأسماك ذات الأحجام المتوسطة والكبيرة مثل القباب والكنعد، ويكثر استخدام هذه الشباك في المياه العميقة، ويستمتع محبو صيد الأسماك بنصب الشباك في الليالي المقمرة.

ويعتبر الميدار أو السنارة أحد أكثر الأنواع المتعارف عليها لدى العديد من الصيادين الهواة والمحترفين، ويُصنع الخيط الرئيسي في الميدار من القطن أو البلاستيك، وتتفرع منه ثلاثة أو أربع خيوط فرعية ينتهي طرف كل منها بميدار أو ثقل حجري يُسمى «البلد»، مطعماً بالييم المكون أحياناً من الروبيان، وكما الصيد بالألياخ ينشد الصيد بالسنارة في اللالي المقمرة ويستمر لساعات طويلة من النهار، ويُستخدم عادةً لصيد أسماك مثل الشعري والهامور عن طريق ميادير أكبر حجماً.

والنوع الثالث من طرق الصيد هي الحظرة، مصيدة للأسماك الساحلية يُستخدم في بنائها جريد النخل أو القصب، ويتم بناؤها على الساحل أو الأماكن التي انحسر عنها الماء، بارتفاع حوالي 50سم لتحجز خلفها مساحة من المنطقة الشاطئية المعرضة للمد والجزر، حيث تدخلها الأسماك أثناء حركة المد، أما بعد انحسار الماء في حالة الجزر يقوم صاحب الحظرة بالتقاط الأسماك المتجمعة، ويشيع استخدام الحظرة في المنطقة الغربية من الدولة، إلى جانب نتشارها في معظم دول الخليج، وتمتد الحظرة لمسافة عدد من الكيلومترات بمحاذاة الشاطئ، ويتم عبر هذه الطريقة صيد عدد كبير من الأسماك مثل الصافي والسلس والنيسر والجد.

موسم الحداق

ينبئ ظهور بعض الأسماك بدخول موسم الحداق، مثل الشعري، وهي سمكة وردي مائل للبني الفاتح، فمها ممدود وواسع، ويبدأ الحداق وصيد الشعري قبل اشتداد البرد. وتتواجد اسماك الشعري في الأماكن الصخرية و الطينية وحول الجزر، ويتم صيدها بواسطة الخيط (الميدار) ويفضل مقاس 70، كما تفُضل أسماك الشعري الخثاق والربيان في الطّعم.

ومن أنواع الأسماك التي يتم صيدها بالميدار «السجل» أو السكل، وتمتاز بلونها البني، وبخطين على امتداد جسمها من العين للذيل، وتتغذى سمكة السجل على الأسماك والسرطانات الموجودة حول الشعاب المرجانية، كما يتم صيدها عن طريق الشباك الخيشومية أو الألياخ، كذلك الأمر بالنسبة لسمك الخباط، والتي تمتاز بكثرة حركتها، وغالباً ما يتم صيدها من الأماكن البعيدة عن الشاطئ بواسطة السنارة والألياخ، أما سمكة البدحا فتتميز بطول جسمها الذي يوازي ارتفاعه مرتين، وتكثر في الأخوار المائية والمياه الضحلة، حيث يتم صيدها عن طريق الشباك وتبيض خلال ثلاث فترات في العام.

إضاءة

الحظرة مصيدة الأسماك الساحلية

الحظرة، مصيدة للأسماك الساحلية يُستخدم في بنائها جريد النخل أو القصب، ويتم بناؤها على الساحل أو الأماكن التي انحسر عنها الماء، بارتفاع حوالي 50سم لتحجز خلفها مساحة من المنطقة الشاطئية المعرضة للمد والجزر، حيث تدخلها الأسماك أثناء حركة المد، أما بعد انحسار الماء في حالة الجزر يقوم صاحب الحظرة بالتقاط الأسماك المتجمعة، ويشيع استخدام الحظرة في المنطقة الغربية من الدولة، إلى جانب نتشارها في معظم دول الخليج، وتمتد الحظرة لمسافة عدد من الكيلومترات بمحاذاة الشاطئ، ويتم عبر هذه الطريقة صيد عدد كبير من الأسماك مثل الصافي والسلس والنيسر والجد.

أمل الفلاسي