اختتمت صالة الحمراء في العاصمة السورية دمشق أنشطتها المسرحية لعام 2009، بإقامة الدورة الرابعة من «مهرجان الشام المسرحي»، الذي تنظمه شركة العين الثالثة للإنتاج الفني بالتعاون مع عدد الشركات الخاصة، وقد حملت الدورة الحالية العديد من المتغيرات.
فحسب تصريح مدير المهرجان نضال الصواف: تم إلغاء المسابقة الرسمية هذا العام كي تُصرف ميزانية الجوائز لتمويل عروض مسرحية هامة في الدورات المقبلة على اعتبار أن غاية المهرجان الأساسية هي الإسهام في تطوير الحركة المسرحية في سوريا.
أيضا على خلاف الدورة السابقة التي شملت على تكريم سبع شخصيات مسرحية وتقديم تسعة عروض، فقد اقتصرت الدورة الحالية فقط على تكريم المخرج حاتم علي، وعلى خمسة عروض بدأت بمسرحية الافتتاح «مشاجرة» تأليف يوجين يونسكو، سينوغرافيا وإخراج زهير بقاعي ونضال الصواف، وهي مسرحية قُدّمت خلال فعاليات مهرجان العام الفائت.
«المنفردة» لنوار بلبل ورامز أسود، «نرجع كالريح» تأليف محمد قارصلي وإخراج رفعت الهادي، «سوناتا الانكسار» إعداد وإخراج وليد عمر، «أخطاء حمراء» تأليف وإخراج مولود داؤد.
فيما اعتذرت فرقة أجراس العودة عن تقديم عرضها «أيام عالبال» الذي كان مدرجا ضمن برنامج العروض، أما حفل الختام فقد اقتصر على تقديم الدروع التذكارية إلى الجهات الداعمة، وعلى لوحة متواضعة بعنوان «بكرة أحلى» تمثيل ينال منصور وكنان حميدان.
في مقابل التقليص الكبير لحجم الفعاليات، كان الاهتمام منصبا على نوعية العروض المسرحية، فقد حملت يوميات المهرجان مفاجآت حقيقة على مستوى النص والأساليب الفنية في محاولة جادة لتفعيل كافة عناصر المسرح ودمجها في بوتقة تعبيرية متناغمة ومتكاملة، لاسيما فيما يخص الأثر الدرامي للموسيقى، ودلالات تكوين الفضاء المسرحي، وأدوات الممثل الصوتية والحركية.
وإذا كانت الدورة الحالية قد أُهديت للقدس عاصمة للثقافة العربية، فإن موضوعات العروض لم تتناول القضية الفلسطينية كما جرت العادة، بل طاولت موضوعات إنسانية عامة بروح انتقادية ساخرة، بعضها ذات خلفية سياسية كعرض «المنفردة» الذي تمحوّر حول علاقة السجين السياسي بالسجّان، أو «أخطاء حمراء» الذي تطرق إلى سلطة الفرد الواحد.
وكان للرومانسية الماثلة في عزلة الروح وخيبة العشاق مكانها الخاص، فعرض «نرجع كالريح» دار حول مطلّقة يعود عشيقاها المناضل والمقامر بعد هجرة طويلة، كي يعرضا عليها الحب والزواج، لنكتشف في النهاية ان كل ما شاهدناه من تفاصيل وحوارات مفعمة بالحنين والعتب وقصائد الغزل، لم تكن سوى أحلام يقظة لامرأة وحيدة في الخمسين من عمرها.
أما عرض «سوناتا الانكسار» فقد حملنا إلى محطات الحب الضائع ووجع الانتظار عبر مجموعة من الحكايا المنفصلة من حيث المكان والزمن والشخصيات، قطع ما بينها سرد شعري لحاجات ناقصة وأحلام لم تتحقق وشروخ نفسية تزداد عمقا مع مرور الأيام الخاوية.
دمشق ـ تهامة الجندي