تعتبر حدائق الحيوانات في مختلف دول العالم مراكز جذب سياحية، إلى جانب كونها محميات طبيعية، وهي مصدر سعادة ومتعة للكبار والصغار، وفي دولة الإمارات ومنذ أكثر من ثلاثة عقود ونيف، أمر المغفور له -بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بإنشاء حديقة الحيوانات في مدينة العين.

لتعزيز رؤيته كواحد من رواد البيئة، وفي العام 1990، تم تطويرها وتحويلها إلى وجهة سياحية هامة في المنطقة عرفت باسم المؤسسة العامة لحديقة الحيوان والأحياء المائية بالعين، وفي العام 2008 تمت تسميته بمتنزه العين للحياة البرية وإعادة تطويره للمرة الثانية، بتوجيهات من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة ؟ حفظه الله.يقع متنزّه العين للحياة البرّية ،على بعد 150 كم شرق دبي وأبوظبي في أحضان جبل حفيت، والذي يشكل الخلفية البانورامية للحديقة والمدينة، وكأنه عقد من لؤلؤ يطوق عنقها عندما تضيء مصابيحه في المساء. ويمتد على مساحة 900 هيكتار، تشكل مهداً طبيعياً ويحتضن 4343 نوعا من الحيوانات منها 2500 من الثدييات ، و 1200 من الطيور ، و 600 من الزواحف 30 بالمئة منها مهددة بالانقراض.

***السياحة في متنزه***وبالنسبة لمشروع التطوير الجديد يخضع المتنزه لإعادة تطوير من شأنها تحويل مرافقه إلى أكبر حديقة حيوان وأكبر حديقة نباتية في العالم عند اكتمال بنائها في 2013، ويضم إعادة تطوير المشروع حديقة حيوان جديدة وحديقة نباتية، إضافة إلى 5 مواقع لرحلات السفاري.ومركزاً واسعاً لإجراء عمليات التخصيب والحفاظ على الأنواع النباتية والحيوانية. وتشمل البنى التحتية التجارية التي يتم بناؤها منها منتجع وفندق عائلي يضم 200 غرفة، ومخيّمين لرحلات السفاري، مراكز للتسوق، إضافة إلى 1000 وحدة سكنية موزعة إلى 5 مجموعات.

وتهدف المهمة الأساسية لتطوير المشروع إلى توفير منشأة سياحية فريدة من نوعها وعلى مستوى عالمي في إمارة أبوظبي، بحيث تجمع بين التعليم، التدريب، البحوث، والحفاظ على الأنواع النباتية والحيوانية ممزوجة بتجربة ممتعة للسياح والمقيمين.ويبلغ عدد الموظفين الآن حوالي 300 موظف،وقد تضاعف عدد الموظفين المواطنين في السنوات الأربع الأخيرة من 9 بالمئة إلى 51 بالمئة، وعند اكتمال المشروع من المتوقع أن يتم توظيف حوالي 2000 شخص.مباشرة من قبل المتنزه ومنشآته المختلفة، كما يتوقع أن يبلغ عدد زواره 5,2 مليون سنويا، وبالإضافة إلى دوره كوجهة سياحية رئيسية، يعمل المتنزه بصفة أولية كمركز تعليمي يعنى بالحفاظ على التعليم البيئي، علم النبات والبستنة، علم الحيوان، إدارة الحياة البرّية، العلوم البيطرية.

إن العنصر الرئيسي لضمان نجاح مشروع التطوير الجديد وأهدافه، هو مركز زايد لعلوم الصحراء، وسيكون وجهة جذب داخلية تكريما لذكراه، وتحقيقا لرؤيته الرامية إلى الحفاظ على البيئة والحياة البرّية، ويقوم دوره على توفير نظرة علمية عميقة بأسلوب عصري للبيئة الصحراوية لمدينة العين وشعبها ومقارنتها بالصحارى الأخرى من العالم.

وسينفذ المركز وصية الشيخ زايد - رحمه الله - حول البيئة من خلال عرض مختلف المبادرات البيئية وأساليب المحافظة على الحياة البرية التي بدأها الراحل، حيث يشكل جزءاً أساسياً من تطور الموقع الشامل، تدعيما للحاجة في ترسيخ تاريخ طبيعة الإمارات وثقافتها القديمة، ولهذا الأمر أهمية خاصة بالنسبة لمدينة العين، كونها تملك أدلة تثبت أنها كانت مأهولة بالسكان منذ 6000 سنة.

رحلات السفاري

سيتمكن الزوار في التطوير الجديد من مشاهدة الحيوانات والنباتات البرية عن قرب في بيئتها الطبيعية، حيث تمرّ مركبات هذه الرحلات المثيرة بصحبة مرشدين سياحيين عبر المواطن الصحراوية العربية والآسيوية والأفريقية، التي تعرض الحيوانات والنباتات في بيئتها الأصلية. كما تعرض صحارى العالم وحيوانات ونباتات صحارى أمريكا الشمالية وأستراليا وآسيا وأفريقيا وكذلك الصحاري العربية.

ويمكن للزوار الاستمتاع بذلك سيراً على الأقدام في الممرات الداخلية والخارجية، أما عن مخيمات السفاري الليلية، فهي تجربة لا تنسى لرؤية حياة الحيوانات البرية ليلاً، حيث يبيت الزوار بين أحضان الطبيعة من غروب الشمس وحتى الشروق.

كما يتضمن المشروع مركزاً للتسوق وتجمعاً سكنياً وصممت هذه المنطقة متعددة الاستعمالات بأشكال هندسية تحاكي تراث دولة الإمارات، موجدة بذلك جواً من التآلف وروح المشاركة بالإضافة إلى توفيرها العديد من الأنشطة الأقرب إلى الطبيعة.

كما تركز أنشطة أعمال المتنزه في الحفاظ على التنوع البيولوجي من خلال عدة مستويات، إذ تحتوي مجموعة حيوانات المتنزه على الأنواع المهددة بالانقراض، والتي كانت موجودة في حديقة حيوان العين الأصلية وإعادة تنظيم مجموعة الحيوانات هذه وتحديد أولوية الحفاظ على أنواع بعينها.

بالتعاون مع جمعية علم الحيوان في سان دييغو وجامعة أكسفورد، وهيئة البيئة في أبوظبي، ويجري الحفاظ على تلك الأنواع من خلال التشجيع على تربيتها في الأسر وتشمل الأنواع التي تحظى بالأولوية، المها العربي والمها معقوف القرن وغزال المور.

كما يصدر الاتحاد العالمي للحفاظ على الحياة البرية لائحة بالأنواع المهددة بالانقراض تسمى اللائحة الحمراء، إذ تم إدراج عدد كبير من حيوانات المتنزه ضمن هذه القائمة تحت بند - مهدد بالانقراض- .

ويقوم المتنزه حالياً بتطوير مجموعة النباتات الجديدة، لتكون مرجعاً لبرامج الحماية، بالتركيز على النباتات المهددة بالانقراض بالمنطقة العربية.

كما يتم التنسيق مع هيئات دولية للحفاظ على الحياة البرية، منها لجنة البقاء على الأنواع، التابعة للاتحاد العالمي للحفاظ على الحياة البرية، والشبكة العالمية لحفظ النباتات التابعة للرابطة العالمية للحفاظ على الحدائق الاستوائية، ولدى المتنزه أيضاً التزام عميق بتنمية الجيل القادم من نشطاء الحفاظ على البيئة الإماراتيين، ويتطلع لإنشاء علاقات مثمرة مع مؤسسات تعليمية وطنية مثل جامعة الإمارات وكليات التقنية العليا.

تعاون دولي

ويعمل المتنزه مع عدد متنوع من الشركاء وفي مختلف مشاريع الحفاظ على الحياة البرية، منها مشروع إكثار قطط الرمال بالتعاون مع حديقة حيوانات ونباتات سينسيناتي في أمريكا، بالإضافة للتعاون مع حدائق الحيوان بمصر واليمن، إذ إن تلك الأخيرة تركز على الحفاظ على أندر أنواع القطط البرية وهو النمر العربي.

وكذلك محمية رينجلاندز في كينيا من أجل دعم الحفاظ على ظباء الهيرولا، أحد أكثر الظباء المهددة بالانقراض، ومحمية سابونا في جنوب إفريقيا لدعم الحفاظ على النمر، وقد احتضن أخيرا أسدين أبيضين وأعلنهما سفيري الحفاظ على الحيوانات اللاحمة والأسود الإفريقية المهددة بالانقراض.

تقنيات علمية

وتشير إدارة المنتزه إلى أنها تقوم باستخدام تحليل الحمض النووي لأغراض مختلفة، إذ يمكن لفحص الحمض النووي أن يحدد هوية الحيوان أو النبات، مؤكداً الفصيلة التي ينتمي إليها، وهذا الأمر مهم جدا في تحديد أنواع الغزلان التي غالباً ما يحدث لبس في معرفة هويتها.

كما يساعد الفحص في تقييم العلاقة بين الحيوانات التي بحوزة المتنزه مع بعضها البعض، أو مع حيوانات في حدائق أخرى أو في البرية. كما يستخدم لمعرفة صلة القرابة بين قطيع الغزلان الذي لديه وقطعان من نفس الفصيلة تعيش في البرية والصحراء وفي حدائق حيوان أخرى. وتجيز هذه المعلومات الاستفادة قدر الإمكان من التنوع الجيني المتبقي و تتيح سبل الإكثار المختلفة .

ارقام

يمتد منتزه العين للحياة البرية على مساحة 900 هيكتار، تشكل مهداً طبيعياً ويحتضن 4343 نوعا من الحيوانات منها 2500 من الثدييات ، و 1200 من الطيور ، و 600 من الزواحف 30 بالمئة منها مهددة بالانقراض.

يضم مشروع إعادة تطوير المشروع حديقة حيوان جديدة وحديقة نباتية، إضافة إلى 5 مواقع لرحلات السفاري،ومركزاً واسعاً لإجراء عمليات التخصيب والحفاظ على الأنواع النباتية والحيوانية. وتشمل البنى التحتية التجارية التي يتم بناؤها منها منتجع وفندق عائلي يضم 200 غرفة، ومخيّمين لرحلات السفاري، مراكز للتسوق، إضافة إلى 1000 وحدة سكنية موزعة إلى 5 مجموعات.

اهتمام

مشروع من 3 مراحل لتطوير المنتزه

تجرى حالياً عمليات في منتزه العين للحياة البرية تتبع أرقى المعايير والمستويات العالمية، من شأنها أن تضع المنتجع في مكانة رائدة على المستوى العالمي في مجال المحافظة على البيئة.

ومن المقرر إنشاء المشروع على ثلاث مراحل، تضم المرحلة الأولى منطقة السفاري الإفريقية، ومركز الشيخ زايد لعلوم الصحراء، والذي سيفتتح في نوفمبر 2011. وتنتهي المرحلتان الثانية والثالثة تباعاً في العام 2013.

وأكدت إدارة منتزه العين للحياة البرية التي تتولى حالياً مهام الإشراف والتطوير في مختلف الجوانب، أنه وتماشياً مع أطر العمل التي تضمنتها خطة أبوظبي 2030، سيكون المنتزه إضافة جديدة لتحقيق رؤية إمارة أبوظبي ومسيرتها التنموية المستدامة الطويلة المدى، من حيث كونه نموذجاً واقعياً يحتذى به لتحقيق الاستدامة البيئية والثقافية.

ويلعب المنتزه دوراً تعليمياً وتوعوياً فاعلاً يضاف للجانب الترفيهي، لاسيما وأن الحياة البرية الطبيعية والمراكز التعليمية، بالإضافة إلى السفاري الصحراوية والنباتات المتنوعة التي يوفرها المتنزه سوف تعمل على توسيع آفاق كيفية التعايش مع الطبيعة والحياة، كما سيكون له دور هام كمركز تعليمي راقٍ ووجهة ترفيهية مميزة في الوقت ذاته.

العين ـ داوود محمد