من منا لم ينتظر «وقت العصاري» وما قبل الغروب عندما تخجل الشمس وتلوح بالبعيد واعدة بشروق بعد الغروب نلقاه جميعنا استشعرنا جماليات الشرفات واللمة «الحلوة مع الأهل والأصدقاء حول أقداح الشاي بالنعناع الأخضر الذي يدخل بعبقه ضمن جماليات المكان، أو الشاي بالياسمين أو القرنفل، حوله نلتف ويبدأ حديث لا ينتهي».

الشرفات شاهدة دائماً على الحب الأول في حياة الناس، فهو حب بريء، طفولي نسبياً، زادته جمالاً روح المغامرة الأولى التي يلخصها أول رقم هاتفي طائر في الهواء بين شرفتين، شرفة ابن الجيران وابنة الجيران المدللة ذات الضفائر الطويلة والعيون الكحيلة، والثوب الملون بألوان الربيع، وحمرة الخجل والخوف التي تعتلي وجنيتها، والفرحة التي تزيد من دقات القلب، وخوف من الأب الذي غالباً ما يتقمص شخصية «سي السيد» ومن الأم التي تراقب ثم تظهر فجأة وكأنها أحد رجال الشرطة الذي نجح في ضبط شخصية ما، ربما يأخذ عليها «ترقية».. والحبيبة الصغيرة تلملم خجلها وفرحتها وخوفها معاً، غير مبالية كثيراً إلا برقم الهاتف الذي تحاول ألا يضيع منها وسط موقف لا تحسد عليه..

ومن المغامرات الشبابية الجميلة التي لا تنسى، وربما تدخل في النسيج الاجتماعي لمجتمع ما، بأن الشرفات المتقاربة هي جسر بين منزلين، تشهد مغامرات بريئة فيما بين ابن الجيران والجارة الجميلة التي ترمقه بعين كحيلة ورمش يداعب أوتار قلبه، فما عليه إلا أن يجمع كل ما تبقى من مصروفه البسيط يشتري به شوكولاته محلية الصنع، ويقذف بها لصاحبة الرمش الذي دخل القلب ولم يخرج بعد، أما هي فتزيد من الدلال، وتهمل الشوكولاته لبرهة، ثم تلتقطها، وتسرع الخطى لداخل منزلها، تستمتع بالشوكولاته، وتحتفظ بورقها الفضي بين دفتي كتاب غالبا ما يكون لرائد الرومانسية إحسان عبدالقدوس، أو للشاعر الرائع نزار قباني، تقرأ وتستمتع بمذاق الشوكولاته واهتمام ابن الجيران «الشقي».

أما ربات المنزل، فالشرفات بالنسبة لهن زيارات قصيرة مع الجارة، فسرعان ما يبدأ بينهما حديث طويل غالباً ما تكون الشكوى فيه تلعب دور البطولة، الشكوى من الزوج الذي يتأخر وصوله إلى البيت، لفندق بدون أي نجوم، وأنه يترك مصروف «يادوب يكفي نصف كيلو لحم وحزمة ملوخية»، أو المحروس الابن الذي لا يهتم بدراسته، والمحروسة التي تشغل بالي والدتها ولا ترتاح إلا بعد زواج الشابة عشان ترتاح الأم وتموت داعية لها بالسعد والهنا مع ابن الحلال.

أما شرفة المطبخ ـ إذا كانت موجودة ـ فهي تعكس المستوى الاجتماعي لأهل البيت، فالطبقة دون المتوسطة تعلق بالشرفة خزين الثوم والبصل وهو بصمة مصرية تماماً، بجانبه تعلق عناقيد البامية الصغيرة المجففة المعروفة باسم «الويكة» وهي أكلة سودانية في الأصل تسربت عبر الوادي لمصر، كما تشهد البلكون قبل تعليق عناقيد البامية المحروسة الابنة الكبرى مع والدتها وهي «تلضم» البامية في خيط طويل تستخدم في ذلك إبرة خياطة حادة.

أما ساعة «الصبحية» بعد «الفجرية» فتشهد البلكونات خاصة في الأحياء الشعبية تدلى سبت مصنع من القش وجريد النخيل مربوط بحبل طويل، هذا المشهد يسبقه أن تنادي الأم على صاحب عربية «الفول المدمس» و«البليلة» الساخنة، قائلة «عايزين بنص جنيه فول، وزيه بليلة، إتوصى يا عم الحاج الله يسترك، وكام رغيف ومخلل، املأ الحلتين الموجودتين بالسبت».. حديث شعبي يتكرر يومياً، وإذا تصادف وجود الجارة، وبعد موال صباح الخير والدعوة بأن يكون اليوم «نادى» تبدأ وصلة شكوى، ولكن هذه المرة من «بتاع الفول» الذي لا يملأ الحلة ويزيد من ماء الفول وماء البليلة!

ثم ينتهي الحديث بكلمة «بالإذن» أحضر للجماعة الفطار، وللشرفة بعد «تآمري»، عندما تنتظر الأم أولادها خاصة في عطلة نهاية الأسبوع في طريق عودتهم من «الفسحة» فإذا كانت راضية عن موعد عودتهم مبكراً، فيكون من نصيبهم عشاء فاخر تجتمع الأسرة حوله مساءً كالبط والحساء والأرز.

أيضاً للشرفة ذكريات وذكريات مع الاستعداد لاختبارات آخر العام، والتي يتزامن موعدها خلال شهر يونيو «حزيران» شديد الحرارة في معظم الدول العربية باستثناء شمال إفريقيا، فيبدأ الطلبة «بنات وصبية» في الاستعداد للمذاكرة في البلكون بعد نثر الماء على أرضها «عشان شوية طراوة» ويشرعون المذاكرة حتى ظهور خيوط فجر يوم جديد..

وللشرفة جمالياتها وذكرياتها خاصة في القاهرة القديمة قاهرة المعز، ففي الشرفات المطلة على مسجد الرفاعي والسلطان حسن خصوصية وطقوس رائعة، ففيها تجلس الأسرة عصراً وعلى «سورها» توضع صينية نحاسية لامعة يرص عليها عدد من القلل القناوي يلفها نسمات العصاري فيكون ماؤها سلسبيلاً، وحولها الثلج المجروش وحبات ثمار المشمش والحرنكش، وتأتي الأم بطبق من البطيخ المثلج، ويرتفع أذان المغرب، فلا يكف أحد عن الدعاء. وتطل قلعة صلاح الدين وكأنها صفحة من «تاريخ الأمجاد في مصر».. واذا ظهر موكب لجنازة، فلابد من وقوف كل الجالسين في الشرفة «ليوحدوا الله.. فلا دايم إلا وجهه الله»، والدعاء للمتوفى.

أما الطبقات الأرستقراطية فمفهوم الشرفات لديها مختلف نسبياً، فهي متسعة بحجم حجرة كبيرة، أرضها مكسوة بالسيراميك والسور من البرونز الأسود المشغول أو المحفور يدوياً، وغالباً ما تكون هذه النوعية من الشرفات في الزمالك وجاردن سيتي ووسط البلد، وفي الأحياء الدمشقية الراقية وفي شمال إفريقيا، حيث تطل على البحر المتوسط، في شرفة «أولاد الأرستقراطيين» هؤلاء يكون متناثراً فيها الكراسي المصنعة يدوياً من البامبو الأسترالي وعليها خديدات بألوان الطيف، ومنضدة مستديرة عليها شرشف من «السيرما» التركي من مخلفات الجدة «جولنار» هانم، وأطباق بها مكسرات محمصة وطفايات كريستالية لوضع أفخم أنواع السجائر، وأيضاً للغليون «البايب» مكان على المنضدة، يجلس الجميع يتحدثون في همس أرستقراطي ينتظرون مراسم شاي الخامسة بعد الظهر على الطريقة الإنجليزية.

«قصارى» الزهور غالباً «الجارونيا» والفل المجوز ينقل النسيم عبقها فيكون جمال على جمال، أما أوراق اللبلاب فتتسلل في هدوء لتكتسي جدار «الشرفة» وغالباً ما تطل على أحد الشوارع الشاسعة التي تحفها أشجار الكافور.

وهذه النوعية من الشرفات غالباً ما تعكس سمات المعمار الإيطالي أو الفرنسي، غاية في الجمال المعماري الراقي.

من أشهر الشرفات المعروفة باسم «التيراس» شرفة فندق سميراميس القديم المطل على نيل جاردن سيتي، وهي شرفة كان يرتادها علية القوم وكبار الكتاب والمفكرين، فكان يرتادها إحسان عبدالقدوس وكامل الشناوي وفكري أباظة ويوسف السباعي وأم كلثوم وفاتن حمامة وغيرهم الكثير، يتناولون المشروب الذي تخصص الفندق فيه، وهو الشوكولاته السويسرية الساخنة، التي تقدم في طقم من الفضة وفنجان متوسط الحجم من «السافر» الفرنسي، ومعها تقدم حلوى «المارينج» الفرنسية.

أيضاً شرفة «جروبي مصر الجديدة» واحدة من أشهر الشرفات غالباً يرتادها أصحاب المعاشات وربات البيوت للجلوس في حديث طويل، شرفات فندق «فلسطين» بالمنتزه في الإسكندرية من الشرفات المطلة مباشرة على المتوسط الذي يمتد في رحابة وجماليات الزرقة، عاكساً خصوصية الإسكندرية.

الشرفات في وسط أوروبا تختلف من حيث الشكل والمضمون، فقليلاً ما يجلس فيها أفراد الأسرة لبرودة المناخ شتاء، وهي مصنعة بجماليات عالية، يميزها وجود مكان لزرع الزهور الملونة صيفاً وشتاء لكل موسم الزهور الخاصة به، وفي حكاية طريفة، بأن تصادف أحد المنازل يسكنها أسرة عربية لم تزرع أحواض الزرع ففوجئ رب الأسرة بأنه مطلوب في قسم الشرطة، وعندما ذهب وجهت إليه تهمة عدم الاستمتاع بالجمال والعناية بالزهور!!

وللشرفات مكانة في الدراما العربية والعالمية، ففي ثلاثية نجيب محفوظ، كانت للشرفة إيحاءات بالحب والغرام فيما بين ابنة الجيران وابن سي السيد، وفي فيلم «اللص والكلاب» لعبت الشرفات دور مهما، عندما كان شكري سرحان الذي لعب دور «سعيد مهران» يراوغ الشرطة فيقفز من شرفة لأخرى ومن سطح لآخر ولكن «للعدالة» الغلبة!

وفي فيلم «حرامية في الـ كي جي تو، لعبت الشرفة دوراً في تهريب فساتين الزفاف الذي كانت ترتديه حنان ترك وبداخله تهريب صور أثرية، وذلك في إطار كوميدي رائع. أما في «السفارة في العمارة» فكان للشرفة دور حول عقدة الفيلم والحبكة فيه، عندما اكتشف عادل إمام ان سفارة إسرائيل في الشقة المجاورة له، فقرر بيع الشقة في إطار كوميدي هادف.

وتشهد الشرفات كذلك تسلق اللصوص وتهريب السرقات، مثلما ظهر ذلك في فيلم «المشبوه» لعادل إمام وسعاد حسني، أيضاً للشرفة دور مأساوي تعكسه حوادث الانتحار، مثلما حدث وقت وفاة العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، حيث شهدت شرفات وسط البلد بالقاهرة انتحار العديد من المراهقين وراء نعش العندليب الذي شق شوارع القاهرة في جنازة مهيبة. ومن الشرفات التي شهدت مآسي، شرفة عمارة «ستيوارت تاور» في لندن عندما سقطت منها سندريللا السينما المصرية سعاد حسني، ودارت الشبهات وحامت حول العديد من الشخصيات وراء هذا الحادث، منهم رفيقتها في السكن نادية ومازال الغموض يحيط بالحادثة!!

أيضاً سقوط أشرف مروان من الشرفة في أحد مباني لندن ومازال السبب يحيطه الغموض!! وقد أطلق على هاتين الحادثتين اسم «الموت الغامض» من «شرفات لندن».

ومن أشهر الشرفات في تاريخ المسرح، شرفة شكسبير في «روميو وجولييت» التي دخلت تاريخ الشرفات والفن من باب واحد.

أما مسرحية «البيت ذو الشرفات السبع» من تأليف «اليخاندرو كاسونا» والتي عرضها المسرح القومي بالقاهرة من إخراج هشام كفارنة، كانت رمزاً لجماليات العرض والديكور والملابس والخلفية الموسيقية، وهي مسرحية اختلف النقاد على تحليل أحداثها.

أما انطباعات الرحابة والاتساع فقد جسدها «الأعرج واسيني» في روايته «شرفات بحر الشمال» فإن الشرفات تحاكي البحر في اتساعها وامتدادها حتى وان كانت ضيقة فهي كفاية عن الفراغ الممتد في شموخ الرافض للحواجز. وللشرفات دور أيضاً في الأحداث السياسية، فيها الشرفة التي وجه منها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر خطابه الشهير بتأميم قناة السويس، والشرفة التي ودعها الملك فاروق بقصره في «رأس التين» بالإسكندرية عندما أطاحت به ثورة يوليو 1952، وكأنه يودع عالما بأكمله عشقه بحق ليسير وسط الحراسة إلى يخت «المحروسة» ليسافر تاركاً الإسكندرية التي عشقها وعشقته.

وتستخدم كذلك الشرفات في إعلان نتائج الانتخابات مثلما شهدت شرفة سانت بيتر بازليك في روما وفي الخلفية تدق أجراس الكنيسة.

وأياً كانت رسالة الشرفات، فإن لها حضوراً خاصاً جداً في حياتنا، كوّن وجداننا وترسب في الأمثلة الشعبية التي منها «عشرة طاولة في التراسينا» والتراسينا كلمة اسكندرانية بمعنى الشرفة، والمثل يعني التسالي وقضاء وقت ممتع، والطاولة في التراسينا جزء من المصيف السكندري خاصة في الأحياء الشعبية، مثل كرموز وكوم الدكة وغيرهما.

«ارخي ستارة التراسينا لحسن جيرانا يشوفونا» وهي كناية عن الخصوصية.

وشهدت الشرفة غناء نادية لطفي والتي كانت عالمة في شارع محمد علي في فيلم «السمان والخريف» تقول وهي واقفة في الشرفة «إوعة تكلمني بابا جاي ورايا»! وفيلم «البنات والصيف» تقول سعاد حسني «البلكونة دي هواها بحري»!

«يشرب النبت

في شرفة البيت

شايا بالياسمين

الصباح تدلى بسلمه

وتسلق أوراقه

وهو الآن يضفر لي

تاجه على الجبين

وأشرب الشاي

في شرفة البيت

ولنتعلم ولو مرة

كيف تستقبل الطيور»

شرفات دبي

تتميز عمارة الشرفات في دبي بأنها سريعة التطور ابتداء من العمارة البسيطة، أو أحادية الشكل واللون، إلى العمارة الأكثر تعقيداً أو حداثة، شرفات دبي الحديثة يستخدم فيها الزجاج الملون اللامع، ليتمشى مع اتجاهات التحديث في كل المجالات لمدينة كوزموبوليتينية، ترضي كل الأذواق، وتستقطب ملايين السياح سنوياً، تخاطب بكل جديد ومميز ومتطور.

شرفة «سبايدرمان»

شرفة مميزة، تحبس أنفاس المتفرج لأن بطلها «السبايدرمان» يقفز بقوة وبراعة من شرفة لأخرى يلتصق بها بطريقته الدرامية المعروفة وعباءته الحمراء وقناعه الذي عشقه الصغار بصفة خاصة، معه تتسع عيون الصغار متابعين مغامراته. وقبل ظهور أفلام سبايدرمان على شاشات العرض في سينمات العالم، وهي الأفلام المستوحاة من كتاب «سوبر هيرو» كان الأطفال يهتمون بمغامرات توم وجيري وغيرها من المغامرات الأكثر طفولية. وحققت أفلام سبايدرمان، الذي يقفز على الشرفات، إيرادات تفوق الخيال وتتعدى الملايين، ومدينة نيويورك تشهد ناطحات سحابها ملصقات بالحجم الطبيعي وأنوار النيون شكل السوبرمان الملتصق على الشرفات، مشهد صادم ولكنه محبب لصغارنا وربما نحن أيضاً.

«شرفات».. حياة ثقافية

تصدر وزارة الثقافة السورية مجلة نصف شهرية تحمل اسم «شرفات» وتركز على أبرز معالم الحياة الثقافية في العالم العربي، حيث تبرز حواراً رئيسياً من قبيل القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009 وتحرص على متابعة أبرز الأحداث الثقافية، واستعراض الروايات والدواوين الصادرة حديثاً، بالإضافة إلى تقديم دراسات متخصصة من قبيل دراسة بعنوان «الأسطورة والتاريخ» للباحث فراس السواح، وتقدم عرضاً لكتاب شهري في باب كتاب الشهر، وتلقي الضوء على النشاط الموسيقي في العالم العربي، حيث قدمت مؤخراً إضاءة المعهد العالي للموسيقى وأثرها في الحركة الموسيقية في سوريا. وتفسح المجلة مجالاً كبيراً للمواد المترجمة المتميزة، ومن أبرز محطاتها أيضاً باب «أصوات» الذي يقدم فرصة متميزة للأصوات الشابة، وتجاربها الشعرية الواعدة، ويتوقف الكثير من القراء عند باب «مرئي مسموع» الذي يجمع بين لمحات من التشكيل والسينما والموسيقى.

الشرفات جماليات وفن

الشرفة هي المكان المرتفع، الذي يطل «ويشرف» على الفضاء كامتداد لمساحة المنزل، من هنا جاء اسم «الشرفة» وفي المصطلح المعماري والأثري هي الحافة التي ينتهي بها امتداد المكان، واستخدمت في هذا المكان أيضاً للدلالة على ما يوضع أعلى القصور والمنازل وواجهات المساجد وهي أيضاً السور الذي يتحد مع الفضاء الخارجي لأي معمار.

«شرفة الهذيان»

عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت صدرت رواية الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله بعنوان «شرفة الهذيان» وتشكل هذه الرواية التي تقع في مائتي صفحة من مشروع ثلاثية للروائي نفسه بعنوان «الشرفات»، لكل رواية منها شخوصها، وأحداث مستقلة عن الأخرى، في حين يجمع هذه الروايات الثلاث جوهر تيارات التغيير التي طالت عالمنا العربي منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي وحتى الآن. وفي «شرفة الهذيان» يعكس نصر الله حالة الاغتراب التي باتت تحتل مساحة واسعة من الوجدان العربي منذ حرب الخليج الأولى وحتى مرحلة ما بعد 11 سبتمبر. يجمع فيها ملحمية «بريخت» وعبثية «بيكت»، ويدفع بالكتابة في اتجاه دعوته المستمرة لتلاقي الفنون ومعايشتها على عدة مستويات يحتضن القصيدة والمسرح والسيناريو السينمائي والحكاية الغرائبية والصورة الفوتوغرافية بجوار لوحات وجداريات فنية، وكتابات صحفية، جميعها يوظفها في الرواية كاسراً بذلك الشكل التقليدي للرواية الحالية والقديمة أيضاً.

ولم يكن نصر الله منقطعاً عن هذا التوجه منذ أن قدم روايته الأولى «براري الحمى» في العام 1985 والتي اعتبرها النقاد علامة هامة على طريقة الرواية ما بعد الحداثة. ومن أعمال نصر الله «طيور الحذر»، و«حارس المدينة الضائعة» و«زيتون الشوارع».

منى مدكور