في مطلع سنوات التسعينات من القرن الأخير ؟ العشرين- جرى إيداع ماريو موريتي، القائد الرئيسي لمنظمة «الألوية الحمراء» الإيطالية خلال سنوات السبعينات، السجن في مدينة ميلانو، كان ذلك إثر قيام منظمته باختطاف رئيس وزراء إيطاليا الأسبق «الدو مورو» كي تجده الشرطة مقتولا بعد 55 يوماً من اختطافه وموضوعا في الصندوق الخلفي لسيارة تقف في أحد شوارع روما، وفي السجن أجرى ماريو موريتي مقابلة مع صحافيتين إيطاليتين شهريتين آنذاك هما كارلا موسكا وروسانا روساندا. تلك المقابلة هي موضوع هذا الكتاب: «الألوية الحمراء: تاريخ إيطالي ».
تجدر الإشارة بداية إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نشر الكتاب باللغة الفرنسية، رغم أنه يشكل شهادة فريدة عن التاريخ الإيطالي في تلك الحقبة المضطربة من تاريخ إيطاليا. ويرسم أيضا الأجواء «الاستثنائية» التي أشاعت فيها «الألوية الحمراء» الرعب في شبه الجزيرة الإيطالية، وفيما هو أبعد منها على الصعيد الأوروبي عامة، وكان النظام القائم معرضا لـ«السقوط» في أية لحظة آنذاك.
وتتم الإشارة في مقدمة الكتاب إلى أن أكثر من عشر سنوات فصلت بين تأسيس «الألوية الحمراء» الأولى في مدينة ميلانو وبين اعتقاله. وفي عام 1978 كانت تلك الألوية قد قامت بإحدى أكبر العمليات بروزا في التاريخ الإيطالي الحديث عندما قامت باختطاف ثم قتل «الدو مورو»، أحد الزعماء التاريخيين للحزب الديمقراطي المسيحي، وصاحب مبادرة «المصالحة التاريخية» بين حزبه والحزب الشيوعي الإيطالي.
هذا «التاريخ الإيطالي» يتناوله الكتاب على مدى الفصول الثمانية التي يحتوي عليها ابتداء من فصل يتحدث عن المرحلة التأسيسية للألوية الحمراء تحت عنوان: «من المصنع إلى الحياة السرية» وانتهاء بفصل يحمل عنوان: «شجاعة الملاحظة وشجاعة وضع حد نهائي للأمور». وتعالج الفصول ما بينهما مواضيع «لماذا الكفاح المسلّح: الأفكار والإيديولوجيات» و«المستعمرات الأولى» ثم «الدولة هي عدوّنا» فـ«الـ55 يوما» و«اختطاف الدو مورو: الحقبة الأكثر قوة والأكثر ضعفا» و«نهاية الوحدة الأسطورية للألوية الحمراء».
تتم العودة في هذا الكتاب إلى ذلك الصباح من يوم 16 مارس 1978 عندما صعد «الدو مورو»، زعيم الديمقراطية المسيحية آنذاك، بسيارة الـ«فيات» التي كانت تنتظره أمام بيته في العاصمة الإيطالية روما، كانت وجهته هي البرلمان الذي كان يُفترض أن يولي ثقته بالحكومة الجديدة وبدعم من الحزب الشيوعي الإيطالي للمرة الأولى، وبعد أن انطلقت سيارة «الدو مورو» برفقة سائقه وحارسه الشخصي وسيارة أخرى فيها ثلاثة رجال مسلحين.
وفجأة جرت مواجهة مسلّحة مع عدد عناصر «الألوية الحمراء» الذين قتلوا مرافقي «الدو مورو» الخمسة واقتادوه هو نفسه إلى جهة مجهولة، في اليوم التالي أصدرت «الألوية» بيانا مرفقا بصورة للرهينة وهو في «محكمة الشعب». وطالبت بالوقت نفسه بـ«إطلاق سراح السجناء السياسيين».
لقد عاشت إيطاليا آنذاك لحظات حرجة على إيقاع التهديدات ومواعيد تنفيذ «الحكم» بألدو مورو. هذا إلى أن وجدوه بتاريخ 9 مايو 1978، أي بعد 55 يوماً من اختطافه مقتولاً وموضوعاً في الصندوق الخلفي لسيارة كانت تقف في منتصف المسافة تماماً بين مقر الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الشيوعي الإيطالي، وفي شهر أبريل من عام 1981 ألقي القبض على ماريو موريتي رئيس الألوية الحمراء وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
إن ماريو موريتي يشرح في الصفحات الأولى من الكتاب بعض النقاط الأساسية في مسيرة حياته، ويؤكد أنه عاش طفولة متواضعة ولكن «سعيدة»، وبعد أن حصل على شهادة بالاتصالات عمل كتقني في أحد المصانع بميلانو حيث عرفت «الألوية الحمراء» ولادتها في مطلع عقد السبعينات الماضي.
صورتي تظهر في الصحف والتلفزيون ؟ كمطلوب القبض عليه- كان هناك دائما من يقبل استقبالي عنده».
الكتاب: الألوية الحمراء، تاريخ إيطالي
تأليف: ماريو موريتي، كارلا موسكا، روسانا روساندا
الناشر: مطبوعات امستردام باريس 2010
الصفحات: 355 صفحة
القطع: المتوسط
Brigate Rosse : une histoire italienne
Mario Moretti, Carla Mosca, Rossana Rossanda
Editions Amsterdam -Paris 2010
355p.