يتطرق كتاب "الموتيف في الأدب الشعبي والفردي"، لمؤلفه الدكتور سليمان العطار، المدير السابق للمعهد المصري للدراسات الأسبانية في العاصمة الاسبانية مدريد، الى بحث مفهوم الموتيف وابعاده، بالنسبة إلى الادب الشعبي، مبينا ان مصطلح الموتيف، انتقل إلى التصوير والموسيقى والمعمار والزخرفة، إذ إنه في التصوير، يقصد بكلمة "موتيفة" اللون أو الرسم المفرد أو المتكرر.

ويقصد بها القطع المتكررة في المعمار والزخرفة، كما تستخدم في المناظر الطبيعية، ويقصد بها القطاع من المنظر الذي تدركه العين في لقطة من عملية الإبصار. كما تمثل الموتيفة في الموسيقى، الموضوع الرئيسي للعمل الموسيقي أو ما يمكن أن نحدّده بأنه تتابع مميز للأصوات.

ويشير سليمان العطار، إلى انه في لغة الأدب ايضا، نلتقي مع هذه الكلمة (الموتيفة). وقد سبقها التراث التصويري والموسيقي، في إعطائها نسق مدلول يتصل بالشكل. ومن ثم يقترح مؤلف الكتاب كلمة "الحرّيك" لمقابلتها في العربية؛ لأن الحريك كلمة ترمز إلى إمكانية التشكل والحركة، وهو ما يحدث للموتيفة إذا انصرفت عن تجردها بانتمائها إلى عمل تتشكل فيه وتتحرك.

ويؤكد العطار انه تتكرر كلمة الموتيفة في الاستعمال الأدبي بشكل غير عادي، إذ أثبتت الدراسات المتقدمة في الأساطير والحكايات عند الشعوب المختلفة، أن التشابهات بين هذه المنتجات الأدبية الشعبية، لا تقف عند حد الملامح المحدودة المشتركة، وإنما تتجاوز ذلك إلى تشابه في المواقف والشخوص والأطر العامة.

وكذلك في الأدب الحديث، يمكن البحث عن الموتيفة التي تبرز عند الكاتب المعين أو الكتاب المعينين، وذلك لمعرفة جذورها وتجلياتها المختلفة في تطورات تصب في الحاضر .

ويقدم المؤلف مثالاً على ذلك بموتيفة "موت الأب" عند نجيب محفوظ، ويقول هنا : "إذا عدنا إليها، في بعض الملاحم العربية، نرى أنها تتم في جو يجعل بطولة الابن قضاءً محتمًا؛ لأن الأب النبيل يذهب ضحية غدر وظلم، ويتعرّض عالمه كله لأسوأ مصير، ولكن العناية تحفظ الابن في سلسلة من الأحداث، حتى يعيد الأمور إلى نصابها ويسلم راية النضال إلى غيره بالموت الحقيقي أو الصوفي.

ومثال على ذلك ما حدث في السيرة الشعبية لـ «الزير سالم، وسيف بن ذي يزن» وأما إذا امتد العمر بالأب، فلابد أن ينشب صراع بين الأب والابن، ولا تبرز بطولة الابن بشكل حاسم، إلا بانتصاره على الأب، رمزًا لموته، كما في سيرتي عنترة وأبي زيد الهلالي".

ويلفت العطار إلى أن ظهور هذه الموتيفة في أدب نجيب محفوظ، كان تارة في شكل الحكاية الشعبية في "بداية ونهاية"، واخرى في نمط ملحمي في "الثلاثية".

ويخلص المؤلف بناء على هذا الاساس، الى حقيقة ان الموتيفة المركزية، هي الصانع للحدث والخالق للشخوص والمحدد للزمان والمكان واللغة، إلى حد كبير، وذلك في إطار عدد كبير من الاختيارات الناجمة عن قدرة الموتيفة على التجليات الجديدة دائمًا.

ويعرض العطار نماذج تطبيقية لاستخدام منهج الموتيف، ومنها: أوبريت "العشرة الطيبة" المشهور الذي تم تمصيره على يد الكاتب محمود تيمور، ويكشف عن نمط من التأليف يتوسط طبيعة بناء الحكاية الشعبية المبسّط وطبيعة التعقيد في الأعمال الفردية.

كما يقدم سليمان العطار، عدة نماذج تطبيقية أخرى، في هذا الصدد، أهمها : سيرة الزير سالم، رواية مائة عام من العزلة. كما انه يقدم تحليلات أدبية في ضوء منهج الموتيف، من خلال كتاب "المكافأة " لابن الداية، وكذا منوال تجسيد رؤى ابن عربي في مسرح كالديرون دي لاباركا.

 

 

المؤلف في سطور

 

الدكتور سليمان عبد العظيم العطار، أستاذ متفرغ بقسم اللغة العربية في كلية الآداب- جامعة القاهرة. وايضا أستاذ الأدب الأندلسي بجامعة القاهرة. وهو المستشار الثقافي الأسبق لمصر في أسبانيا. وأستاذ زائر في جامعات أسبانيا وتشيلي والسودان والبحرين. شغل عدة مسؤوليات، منها: مدير السابق لمركز الدراسات العربية جامعة تشيلي. وصدر له عدة مؤلفات، منها: «الخيال عند محيي الدين بن عربي»، «نشأة الموشحات الأندلسية».

 

 

 

الكتاب: الموتيف في الأدب الشعبي والفردي

تأليف: الدكتور سليمان عبد العظيم العطار

الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة - 2012

الصفحات: 264 صفحة

القطع: المتوسط