هذا هو القسم الثالث من قصيدة (سجدت باسمك إلهي عالي الشان)، حيث يواصل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الحديث عن مشاعر الخشوع وانشراح الصدر، وطواف الخيال في الماضي البعيد في عصر النبوة والصحابة الكرام وبدايات الإسلام العظيم، حيث كانت تتنزل آيات القرآن مشتملة على المطلب الأعظم ألا وهو توحيد الله تعالى، في بيئةٍ غلب عليها الشِّركُ والانحراف عن ملّة سيدنا إبراهيم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، بعد أن كانوا على الحنيفية السمحة، فاجتالتهم الشياطين حتى عبدوا أصنامًا صنعوها بأيديهم حين غابت عنهم عقولهم، فجاء القرآن الكريم فانتقل بالعرب من حضيض الشِّرك إلى ذُرى التوحيد، وأصبحوا بفضل هذا الدِّين خير أمّةٍ أُخرجت للناس، وكان البيتُ الحرام هو موطنُ الاجتماع الأكبر حيث يجتمع الملايين وتضجّ الأصوات بالدعاء، وفي هذا المقام الجليل عادت الذاكرة بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إلى الماضي البعيد، وتراءى له طيفٌ جميلٌ ألقى عليه التحية، فردّ عليه بالترحيب ثم سأله إلى أين ستكون وجهته، فأشار إلى بئر زمزم المبارك، هذه البئر التي لها قدسيّة خاصة ، وفيها نوعٌ خاصٌّ من البركة تُقضى به الحاجات كما ثبت في الحديث عن سيّدنا رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ أنه قال: (ماءُ زمزم لِما شُرب له)، فكان ابن المبارك، رحمه الله، إذا اغترف منه ذكر هذا الحديث ثمّ قال: «اللهم إنّي أشربه لعطش يوم القيامة»، وكذا فعل كثيرٌ من العلماء والصالحين كانوا يتبرّكون بهذا الماء المبارك الذي شرب منه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد شربة ما زال يشعر بحلاوة طعمها، مع شعورٍ صادقٍ بالريّ لا يمكن له أن يذهب مع مرور الأيام، كلّ ذلك بسبب ما وضع الله تعالى في هذا الماء من أسرار الخير والبركة، لتظلّ مكّة هي مهوى الأفئدة وهي المدينة التي جعلها الله في وادٍ غير ذي زرع، لكنّ القلوب الصافية لا تزال تشعر بالحنين إليها، ومجاورة حرم الله بين ظهرانيها.
