هذا هو القسم الثالث من قصيدة «أهلاً رمضان» التي كتبها صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، تعبيراً عن احتفائه بقدوم هذا الشهر الفضيل، حيث احتفى فيها بسيرة سيّد المرسلين، صلّى الله عليه وسلّم، فجاءت قصيدةً بديعة الشكل والمحتوى، حيث يرصد سموه في هذا المقطع الرائع طبيعة الضجيج الذي حصل في مكّة وبين ظَهرانَي قريش حين جاءهم هذا النبأ العظيم الذي هو القرآن الكريم، وأحدث حالة من الاضطراب الذي ظهر على ملامح رجالات قريش، وجعلهم يتساءلون عن مصدر هذا القلق الذي جعلوه فتنة تقوم لها قريش وتقعد تعبيراً عن عجزها وغيظها أمام هذا النُّور المنبثق من غار حراء، والذي بدأ يتسلّل إلى الأرواح، ويخلق معادلة جديدة للحياة، ممّا جعلهم يتساءلون عما يريد محمّد، صلّى الله عليه وسلم، بهذا النبأ العظيم الذي جاءهم به، وهو ما سجّله تعالى بقوله: {عمّ يتساءلون * عن النبأ العظيم * الذي هم فيه مختلفون}، ليندفعوا بعد ذلك في اقتراح مجموعة من الأسئلة والحلول الّتي تستنقذهم من هذا المأزق الروحي الجديد، فإذا كان رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يريدُ الزعامة، فإنّهم سوف يعقدون له الزّعامة ويضعون على رأسه تاجها اللامع، وإذا كان يريد الزواج بامرأةٍ جميلة، فإنّهم على أتمّ استعداد لتزويجه بأجمل النساء ومن أشرف قبائل العرب، وإن كان يبتغي المال فهو حاضر عتيد، وإن كان يشكو من مرض وكان هذا الذي يأتيه من صنيع الجنّ، كما كانوا يعتقدون في كبرائهم، فإنهم سوف يبذلون كرائم أموالهم في سبيل شفائه والرجوع به إلى صحّة العقل والروح، ولكن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، كان فوق ذلك كلّه، وكان في المحلّ الأعلى من الكمال الإنساني، ولذلك قال لهم بكل وضوح وصدق مخاطبّاً عمّه أبا طالب: «يا عمّ، والله لو وضعوا الشّمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته إلا أن يُظهره الله أو أهلِكَ دونه» صلّى الله عليه وسلّم.
