لن أخطئ إن أخبرتكم أن كثيراً من المشكلات الزوجية أو التي وصلت للطلاق في المحاكم كان سببها التعامل الخطأ مع المواقف، ردة الفعل أمام الحادثة، هناك حالات متكررة تحدث فيها المشكلة ليلاً ومن ثم يسارع أحد أطرافها بفتح الملف الأسري في اليوم التالي صباحاً وبعدها يتم تحديد موعد وعند التواصل معهما يكون القرار: يرجى منكم إغلاق الملف، نحن تصالحنا.
لماذا؟ لأنه ذهب ثوران الغضب، لأن المساحة حضرت بعد حدوث المشكلة، ولذا لو رجعنا للتصوير القرآني للغضب وكيف أن الغضب تم تشبيهه بشخص يقف بجانب مسمعك ويغريك ويزيد من ثورانك، فإذا سكت عنك وذهب هذا الشخص رجعت لصوابك وهدوئك وأعني بهذا التصوير قوله تعالى: «وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلْأَلْوَاحَ».
ولذا النصيحة التي ينبغي أن تكون حاضرة في كل وقت أننا بشر قد نغضب، نضعف، تغلبنا مشاعرنا، نتصرف بغير طبيعتنا وأصل تربيتنا أحياناً لظروف صعبة نعانيها وتكون مؤقتة، ولكن يجب أن تكون لدينا استجابة لهذه المواقف، نبعد حرارة الغضب منا بالذكر والابتعاد عن الموقف المثير لغضبنا، نعطي أنفسنا المساحة لكي ندرس القرار والنظر إلى أبعاده، أكثر الناس عرضة للندم هم المتسرعون في القرار.
قبل مدة يسيرة تواصلت معي إحدى الزوجات وقالت: حدثت بيني وبين زوجي مشكلة قبل قليل، فقلت له: أنا لا أريد أكمل معك هذه العلاقة في وقت غضب، وهو قال لي: إذن اذهبي للمحكمة، فحينما أخبرتني قلت لها: اهدئي ودعيه يهدأ، لا تحكمي على كلامه وقت غضبه وهو لا يبني الحكم على كلامك وقت الغضب، ثم طلبت منها عدم مناقشته في المشكلة اليوم ومن ثم تخبرني بالحال بعد يومين مثلاً أو ثلاثة، وفي اليوم التالي فقط تواصلت معي لتخبرني بصلاح الحال، لماذا؟ لأن كل طرف احترم مساحة الآخر بعد المشكلة ورجع لصوابه بعدما هدأ.
القصد من الحالة هذه أن الغضب يمنعك أي قرار صحيح، الغضب يولد حرارة في قلب الشخص وخاطره، وإذا ذهب استقرار الداخل تأثر السلوك واختلط الفكر، وقد جاء في الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»، قال ابن رجب في تعليقه على هذا الحديث: ويلزم من صلاح حركات القلب صلاح حركات الجوارح.
إذن بين الحدث والقرار يجب أن يحضر التفكير، لا تبحث وقت قهرك عمن يزيدك قهراً بل من يساعدك على الهدوء ثم التفكير الواقعي.
رئيس قسم التوجيه والإصلاح الأسري في محاكم دبي