قد يصل الزوجان إلى طريق لا يمكن فيه الإصلاح في ظنهما، قد يصلان إلى قرار الطلاق، حيث تتمسك الزوجة بالطلاق وترفع أمرها للقضاء ثم يحكم لها بالطلاق بعد أن تحقق الضرر، ولكن هل القصة تتوقف بمجرد الطلاق؟! نعم، حتى نتحدث بإنصاف هناك حالات فيها الوعي الكبير والمشكور من قبل الوالدين اللذين يحرصان على عدم إقحام المحضونين في النزاعات، تجد الأم الواعية التي لا تهدف أبداً لمنع الأب من رؤية أبنائه بعد الطلاق، وتجد الأب الصادق الذي يلتزم بالرؤية دون أن يذكر أمهم بأي سوء أمامهم، نعم هناك حالات إيجابية يجعلون أبناءهم بينهم، يقرون لأطفالهم بحقهم الثابت في التعرف والتواصل مع كلا الوالدين. هذه النماذج الإيجابية هي نتيجة الطلاق بإحسان الذي أمر الله سبحانه به، هذه أحد آثار قوله تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}، رزقنا الله بالذرية لتكون بيننا ولنحفظهم ونعلّمهم ونساعدهم في تجاوز عقبات الدنيا، هكذا يفكر الحريص الواعي.
وفي المقابل هناك حالات للأسف يستغلون أطفالهم وكأنهم سلعة، بمجرد وقوع الطلاق تبدأ المساومات، ويبدأ التحدي الطويل الذي لا يكاد ينتهي إلا بعد تدمير الأطفال، بعض الحاضنات تظن أن من حقها التحكم بطفلها كيف شاءت وأرادت، تضع له القيود وكل الحيل من أجل عدم وصول والده إليه، أو تجد بعض الآباء يأخذ حقه في الرؤية ليس من أجل الرؤية، ولكن من أجل تحريض الطفل على والدته، لا يلتزم بآداب الرؤية، أو يتركهم وحدهم، ومن ثم تلجأ الأم لرفض الرؤية.
الذي يحب ولده لا يضره، الذي يريد مصلحة ولده سيهتم بإنمائه وتطويره للمستقبل، الذي لا يريد الانحراف لولده سيسعى لملء فراغه العاطفي منذ الصغر، لا تقنعني هذه الأم بحبها لولدها والنظر في مصلحته وهي تعلمه كيف يبتعد عن والده أو تضع العراقيل أمامه، لا يقنعني هذا الأب بأنه يريد أن يرى ولده في أفضل حال وهو يربيه على قطيعة أمه أو تحريضه عليها من أجل مصالح شخصية، لا تجعلا أولادكما في شتات وإرهاق فكري، لا ذنب لهم في نزاعاتكما الشخصية.
ستجدان من يشجعكما على الخطأ واستمرار النزاعات في المحاكم، ستسمعين من يخبرك بأن ترفضي تمكينه من الرؤية أو تشترطي عليه شروطاً تعجيزية من أجل تقييده أكثر فأكثر، وستلتقي في طريقك بمن ينصحك بتشتيت الأم في كل وقت وحين، لكن صدقوني كل هؤلاء لن ينفعوكم إن ضاع ولدكم. رجائي أن تتفقا وتتعاونا على كل ما فيه مصلحة لأطفالكما.
رئيس قسم التوجيه والإصلاح الأسري في محاكم دبي