لا تمتنع عن النفقة.. ولا تكلفيه فوق طاقته

السعيد في حياته هو من عرف ما له وما عليه وطبق ذلك، نحن نتعلم ونفهم من أجل التطبيق، هذا هو المفترض وإلا لن تكون هناك فائدة من علمنا بالشيء سوى أننا علمنا فقط، وقد قيل: «هتف العلم بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل»، أي أن بركة العلم ترتحل لأنه لم يقرن بالعمل والتنفيذ، عندما نقدم هذه المقدمة وننزلها على موضوعنا نرى أن النفقة على الأهل والولد نفقة واجبة من حيث الشرع والقانون والمنطق والعرف، لا يوجد أحد ينازع في حكم النفقة إلا أن هناك عوامل أدت إلى أن يكون باب النفقة عبارة عن صراعات أو مشاكل متفاقمة، وسأستغل الأمر بأن أقدم نصيحتي، والتي فيها حل لكثير من النزاعات المالية في البيوت.

أي مشكلة زوجية بسبب النفقة يعود سببها إلى أحد أمرين: إما الامتناع عن الإنفاق من الزوج، وإما تكليف الزوج فوق طاقته من الزوجة وعدم قناعتها، أو بطريقة أخرى نقول بأن حل مشكلات النفقة يكون بأمرين: صدق البذل من الزوج على حسب قدرته وتحليه بالمسؤولية، والثاني: قناعة الزوجة بحال زوجها وعدم الإكثار من المقارنات.

فإذا اختل أحد هذين الأمرين من الطبيعي أن لا يستقيم حال البيوت وتتدهور العلاقة، فلو فرضنا أن الزوج على الرغم من قدرته المالية يترك الأمور المالية على زوجته بحجة أنها موظفة، إذن يكون قد تهرب من واجبه، ونكون هنا فقدنا أهم أمر في تجنب المشاكل المالية وهو صدق البذل، ولو كانت الزوجة مهتمة بالمقارنات والإكثار من طلبات النفقة ولوم الزوج عليها والادعاء بأن النفقة غير كافية، على الرغم من علمها بحاله المادي إذن سنكون في مشكلة لا حل لها، لأنه تخلف عن شرط يجنبنا الصراعات المالية، وهو قناعة الزوجة بحال زوجها وعدم تكليفه فوق طاقته.

ولو سألني سائل ما هو رأيك من جانب أسري واجتماعي بمشاركة الزوجة الموظفة أو العاملة لزوجها؟ رأيي أنني أؤيد المشاركة في ظل زيادة الضغوط المالية وتنوع وكثرة المسؤوليات على رب الأسرة، عندما نقول مشاركة لا نقصد الاستغلال، لا نقصد أن يسحب الرجل يده ويبتعد عن أداء دوره، لكن نقصد وضع اليد على اليد بتعاون وطيب نفس دون إجبار، هذا التعاون يهدف إلى توسع الحال المادي لهذه الأسرة، بهذه المشاركة يستطيع الزوجان مواجهة التحديات المالية وتسهيل الحياة عليهما، فالمال يفترض فيه أن نجمعه ونتداوله لعزتنا لا تفرقنا، للتوسيع لا للتضييق علينا، فهو زينة في الحياة الدنيا يفتح لنا الكثير من الأبواب المغلقة، له ارتباط بسعادتنا واستقرارنا بما أننا استخدمناه بالطريقة الصحيحة.

رئيس قسم التوجيه والإصلاح الأسري في محاكم دبي