تكرار التهديد بالطلاق وأبعاده السلبية

الطلاق مشروع في ديننا الحنيف، وهذه المشروعية يلزم منها وجود المصلحة، كون المصلحة مفترضة في أي أمر مشروع في الدين، فقد يصل الطرفان إلى طريق مسدود، وقد تكون المصلحة الراجحة في فصل وقطع العلاقة الزوجية بالطلاق، إلا أن الطلاق المشروع ينبغي أن يقرن بالإحسان لقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، حتى لا يكون الطلاق بداية لحرب مستعرة بين الطرفين ويترتب عليه المفاسد الفردية والاجتماعية بسبب هذا التعامل الخاطئ بخلاف لو كان بإحسان وفيه يستر كل طرف ما رآه من الآخر، فإنه وإن كان الطلاق متعباً إلا أن الإحسان سيخفف كثيراً من تبعاته.

ومن خلال الواقع يُلاحظ التساهل من البعض في تكرار التهديد بالطلاق من قبل الزوج أو تلك الزوجة التي إذا غضبت تردد كلمة طلقني أو تضغطه وتكثر من ترديد الكلمة حتى يتلفظ بها، وهذا التصرف خاطئ جداً حتى ولو قلنا بأن الطرف اكتفى فقط بالتهديد والطلب دون إيقاعه، لأن الأصل في الزواج هو المودة.

تكرار التهديد بالطلاق يفقدنا الشعور بالأمن، وأعني بالأمن أي أمن استمرار العلاقة الزوجية في الحاضر والمستقبل، إن فقد الأمن يؤدي لأن تكون بيننا الحواجز، وسيترتب على هذا الفقد تجنب الحوار، والظنون السلبية وعدم الشعور بالقيمة والتقدير في هذا المكان، وعدم الحرص على التخطيط للمستقبل، وترتفع الأصوات عند أي حوار.

تجد بعضهم لا يفكر بالإنجاب ولا ببناء البيت ولا الحماس في اتخاذ الخطوات اللازمة لتقوية العلاقة فترى كلاً منهما يخطط لنفسه فقط، كل طرف يحاول تأمين مستقبله، أو في الأحيان يحاول كل طرف ضم الأولاد في صفه لأنه يعتقد أن الطلاق قادم لا محالة وهي مسألة وقت فقط، ينتظر المهدد الفرصة السانحة، وهذا كله بسبب هذا التهديد بالطلاق الذي أضعف الشغف والعطاء.

هذا غيض من فيض من الآثار والأبعاد المترتبة على كثرة التهديد بهذه الكلمة وهو أمر غير صحي أبداً، ننصحكم بالابتعاد عنه لو أردتم الهدوء والاستقرار في علاقتكم وإدارة بيوتكم.

قبل عدة أيام جاءني زوجان المكتب فقال الزوج: حدثت مشكلة بيننا قبل يومين وقامت الزوجة بالوقوف أمام الباب لتمنعني من الخروج، وقالت لي: لن أخرج حتى تطلقني، فقلت لها: أنت طالق لأني لم أرض على نفسي وثم عندما عدت متأخراً وجدتها نادمة وأنا كذلك ندمت، ونرغب في معرفة حكم هذا الطلاق، وجهتهما بما يلزم، والقصد من القصة ضرب المثال الواقعي حتى يتضح المقال ونحذر منه، والسعيد من اعتبر بغيره.