جاءت تعاليم الإسلام تدعو إلى ما فيه خير العباد، والعمل على تقوية الروابط الاجتماعية بين الأفراد، ومن ذلك الحث على حقوق الجار، فمن جميل ما نقل عن نبينا عليه الصلاة والسلام في هذا المقام قوله: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه»، أي من شدة الحث وتكرار التوصية ظننت أن الجوار سيكون سبباً من أسباب الإرث، ومعروف أن أسباب الإرث محصورة ولكن هنا أراد التقريب وبيان المنزلة العظيمة للجار، وقال أيضاً: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكوم جاره».
من الأمثال القديمة التي تُتناقل: الجار قبل الدار، أي قبل أن تبحث عن دار لبنائها أو السكن بها، انظر أولاً لجارك، لأن الجار الحسن يساوي الأمان والراحة والستر والاطمئنان على الأهل والولد.
كلنا يحفظ الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الكثيرة في التذكير بالجار، فلن نكرر المعروف ولكن سنهتم بالجانب التطبيقي وبعض الإشكالات الواقعية التي ربما جعلت بعض الجيران لا ينتبهون لأفعالهم أو لا يتصورون أنهم أوقعوا جارهم في الحرج، كمن لديه كلب في داره مثلاً ويتركه طليقاً سائباً في الطرقات بجانب الدار ما يسبب في ترويع الجيران وأهل المنطقة، وهذا ما لا يجوز شرعاً، وقد حذر قانون الجرائم والعقوبات أيضاً من هذا التصرف كما في المادة 466 التي نصت على التالي: «يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ترك حيواناً سائباً في ظروف يشكل معها خطراً على الناس».
كذلك نصت المادة رقم 1144 من قانون المعاملات المالية: «على المالك أن لا يغلو في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار».
الإحسان للجار يشمل كل جار بغض النظر عن أصله أو مذهبه أو عقيدته أو جنسه، كل جار يستحق منك الحفاظ على حقه ومشاركتهم في أحزانهم وأفراحهم وستر حالهم عن الآخرين، حيث إن الجار قد يرى شيئاً أو يعلم شيئاً خاصاً عن جاره دون الآخرين فيلزمه هنا الستر على جاره وعلى تفاصيل بيته وحالته الاجتماعية.
يسامحه في الأمور المألوفة اليسيرة، كمن يقيم وليمة ويترتب عليها وجود مركبات الضيوف بجانب دار جاره بما أنهم لم يغلقوا عليه مدخل بيته ولم يتعد الأمر إلى ما فيه ضرر عليه، ومن لديه زواج ويترتب عليه مظاهر الفرح والأنوار الساطعة، ومن لديه صيانة في داره تخلف بعض الأصوات بما أن العمل في الأوقات المباحة والمألوفة، هذا التعاون يعد من مظاهر التراحم والتماسك المجتمعي.
الموضوع كله هو في تحلي كل شخص منا بالأخلاق الحميدة، الخلق هو ميزان العلاقات الاجتماعية، فإن وجد الخلق في أهل البيت، تم الإحسان للجار.
رئيس قسم التوجيه والإصلاح الأسري في محاكم دبي