الزكاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي ثالث أركان الإسلام، وذكرها الله سبحانه في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، وهذا كله لبيان فضلها وأهميتها الكبيرة على مستوى الفرد والجماعة، ما أجمل اللفظ القرآني في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا..}، فأمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يأخذ الصدقة من الأغنياء ويسلمها للأصناف المستحقة للزكاة، وأخبره بأنها طهارة لنفس المزكي من الشح والبخل وأمره بالدعاء لهم نظير ما قدموه، فإن الأصل في الإنسان أنه يحب ماله حباً جماً ليس من السهولة أن يفرّط فيه، فلما يقوم هذا الإنسان بإخراج الزكاة بطيب نفس يكون هذا الإخراج دليلاً وبرهاناً على صدق إيمانه وتوكله على ربه، لذا قال عليه الصلاة السلام في الحديث: «الصلاة نور والصدقة برهان».
لا شك في أن هناك أحكاماً فقهية ينبغي على كل مسلم التعرّف عليها بشأن الزكاة، وأنتهز هذه الفرصة بتقديم نصيحتي للجميع بعدم التردد في التواصل مع جهات الإفتاء الرسمية في حال أشكل عليهم أي أمر يخص تعاليم دينهم، فإن هذا السؤال دليل على الاهتمام والتعظيم لدين الله.
الزكاة فيها بعد اجتماعي وأمني واقتصادي على المجتمعات، ففيها الحث على التعاون والتماسك عن طريق إخراج الغني لمال الزكاة وتسليمها للفقير والمحتاج، وفيها اختبار للغني ليثبت صدق إيمانه، وفيها خير للفقير في أن يشعر باهتمام من حوله، وتفعيل كبير لدور الجهات والجمعيات الرسمية المعتمدة لإيصال الزكاة إلى مستحقيها، وفيها تأكيد على التواضع لأن إخراج المال بطيب نفس دليل أن قلب هذا الشخص ليس فيه تعالي وكبر، بالإضافة إلى طهارة النفس وبركة البيوت.
بيوتنا تتبارك بعمل الخير بشكل عام ليس في الزكاة فقط، وما موضوع الزكاة في هذا المقال إلا باعتبارها فرضاً على المسلم، ومن ثم بوابة لأقدم نصيحتي لنفسي ولغيري بأن نجعل بيوتنا بيوت خير وتوفيق عن طريق صلاحنا ومسارعتنا إلى أوجه الخير، عن طريق تعاوننا كزوجين واتفاقنا على ما يضمن راحة بالنا وستر حالنا وطاعة ربنا، كأن نفكّر مثلاً في جمع مال شهري ولو بمبلغ يسير منه ومنها إن كانت موظفة حتى يكبر وينمى، ثم نتشارك في حفر بئر أو بناء مسجد أو تقديم مساعدة لليتيم أو تفريج كربة وغيرها من أوجه الخير الكثيرة بالتنسيق مع الجهات الخيرية المعتمدة في الدولة، تفكروا معي بالأثر على النفس والبيت والولد نتيجة هذا الفعل؟ لماذا قال نبينا عليه الصلاة والسلام «داووا مرضاكم بالصدقة»، أليس لأن الصدقة لها ارتباط وأثر على الفرد ومن يعيل.
رئيس قسم التوجيه والإصلاح الأسري في محاكم دبي