طفلك أمانة

قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}، ومن أصدق من الله قيلا. الأطفال زينة الحياة وبهجة البيوت وسعادتها، أعز منتظر للوالدين وأجمل بشارة، رمز البراءة وأحد الأعمدة الأساسية التي يقوم عليها المستقبل، تنشئتهم التنشئة الصحيحة تعني قوة المجتمعات وعلو مكانتها نظراً لأن مرحلة الطفولة لها أهمية كبيرة في بناء شخصيته بجميع جوانبها الإيجابية أو السلبية، وهذه الشخصية هي التي ستعمل وترفع الراية في المستقبل فكان من مصلحة هذا المجتمع أن يكون الطفل على استقرار تام بين أسرة واعية ومؤسسات داعمة، لذا اهتمت الدول اهتماماً بالغاً بترسيخ القوانين والمواثيق الدولية لحماية حقوق الطفل.

التربية السليمة لا تقتصر على التعليم النظري فقط، بل تشمل أيضاً تقديم القدوة الحسنة للطفل، حيث إن الأطفال يقتدون بوالديهم في سلوكهم اليومي، لذا من المهم أن يكون المربون مثالاً في الأخلاق والانضباط، حتى ينعكس ذلك على أبنائهم، وهذا ما نحتاج التركيز عليه في مقالنا.

حيث إن الكل يتفق على حقوق الطفل، ولا يمكن أن يختلف عليها اثنان من حيث الجانب النظري، ولكن التطبيق هو الأهم الآن، نريد من الوالدين أن يكونا متحدين وواعيين بالتحديات ولديهما المعرفة المعتدلة في التعامل مع هذا الجيل برغباته المختلفة وفهمه للحياة، لماذا ذكرت عبارة متحدين؟ لأن هناك حالات متكررة يكون فيها الوالدان على اختلاف كبير في الطريقة بحيث يؤدي هذا الاختلاف إلى تشتت الطفل أو فتح الفرصة له بأن يستغل الطرف الأضعف من والديه، فالأب يقول رأياً وتتعمد الأم مخالفته وتصر عليه رغبة في أن يكون الطفل في صفها، أو توجه الأم الطفل لأمر معين ويخالفه الأب متعمداً، ومن هنا يبدأ الطفل يميل للطرف الأكثر تساهلاً أو الطرف الأقوى، بخلاف لو كان هناك تفاهم واضح أمام الطفل ونترك المخالفة لوحدنا بعيداً عنه. لماذا ذكرت عبارة واعيين؟

لأن الأسرة لو كانت غير ملمة بالواقع ستحدث الفجوة الكبيرة، كيف سيحافظون على أبنائهم وهم لا يعرفون التحديات الخارجية أو حتى الداخلية المرتبطة بمواقع التواصل والألعاب الإلكترونية، ولماذا المعرفة المعتدلة في التعامل؟ لأن الأسرة لو أهملت الطفل أو اعتقد في نفسه أنهم في تفكير بعيد عنه ولا يوجد من يفهمه، هنا سيتحول لطلب هذه الرغبة خارج البيت، والخارج اليوم خطير لا نضمن من سيلتقيهم نيابة عنا، بالإضافة إلى أهمية وعي الأسرة بكيفية التعامل مع الطفل بحسب سنه وظروفه، وربما جماع ذلك كله هو في مصاحبتهم والقرب المعنوي منهم وتشجيعهم بدلاً من تحطيمهم بالنقد المتكرر، لذا إشباع الطفل داخل بيته وحمايته من مظاهر الإهمال أو التعدي مع إيجاد علاقة صداقة بينه وبين والديه وإخوته في البيت يعد أمراً مهماً في وقاية الطفل وحمايته من الأخطار المحتملة.

رئيس قسم التوجيه والإصلاح الأسري في محاكم دبي