مهنة التدريس مهنة من نوع خاص، تتطلب مراناً وتمرساً ومقدرة على التحمل والاستمرار، لأن ظروف عمل المعلم تجعله يتعامل مع كائنات بشرية متغيرة ومتباينة ومتطورة ونامية، . وليس مع آلات ثابتة صماء. فكلما اعتقد المعلم أنه اكتسب كفاءة عالية في عمله، ظهرت له فئات أخرى من الطلاب، ذوي احتياجات جديدة، الأمر الذي يتطلب منه الدخول في خبرات تدريبية أخرى، من أجل اكتساب كفايات جديدة
. وهكذا تستمر مراحل تعلم المعلم، ما بقي في مجال التربية والتعليم. من خلال العمل والتجربة نستطيع أن نحدد بعض المشكلات المهمة التي تواجه المعلم وتؤثر عليه، خاصة في علاقته مع الطالب والمنهج الدراسي.
علاقة المعلم بالطالب
كان المعلم في الماضي محافظاً على النظام في الفصل، ويظهر تلاميذه دلائل الخضوع والامتثال لأوامره وتوجيهاته في هدوء وسكون.
وكان الملاحظ أنه عندما تغيب سلطة المعلم في الفصل، بسبب خروجه من الفصل مثلاً أو حدوث موقف ما داخله، تنفجر طاقات التلاميذ في صور متنوعة من السلوك السيء، ذلك لأن خطة النظام تقوم على أساس إثارة المعلم للخوف في نفس المتعلم، فكثيراً ما استخدم التهديد بالعقاب لتحقيق ذلك.
وقد حدث تغير كبير في المبادئ الأساسية لإدارة الفصل، يمكن تحديدها على النحو التالي:
انشغال الطلاب؛ فرادى أو جماعات، في أنشطة تعليمية، تثير اهتمامهم وتتحدى قدراتهم. ويستمر النشاط التعليمي سواء كان المدرس حاضراً في الفصل أو غائباً، حيث يسود التفاهم، نتيجة ثقة الطلاب في قيمة الأنشطة التعليمية، واهتمامهم بها، لتصبح العلاقة بين الطلاب والمعلم علاقة تعاون لا خضوع للقوة والسلطة.
تنمية أنواع السلوك الاجتماعي والخلقي السليم لدى الطلاب، نتيجة للعمل الجماعي وللجهود التعليمية التعاونية، بين الطلاب أنفسهم، وبينهم وبين المعلم.
تفهم المعلم لطبيعة المرحلة التي يقوم بتدريس طلابها، سواء كانوا أطفالاً أو مراهقين أو راشدين، وتفهم سلوكهم ودوافعه، والعمل على توجيهه على أسس سليمة.
اهتمام المعلم بمعالجة سلوكيات عدم التكيف التي تصدر من بعض الطلاب، بدراسة الدوافع التي تؤدي إلى هذا السلوك السيء، ووضع طرق للحلول والمعالجات.
وهناك اعتبارات تفيد في معالجة هذه الحالات، ومن هذه الاعتبارات ما يلي:
لا تؤخذ المخالفات البسيطة على أنها جسيمة، فتعطى أكبر من حجمها.
ينبغي تحري أسباب السلوك السيء، قبل توقيع العقاب.
الهدف من العقاب هو تكيف الطلاب، لا إرهابهم وإخافتهم وإخضاعهم بالقوة.
انصراف الطلاب عن الدرس، وعدم الانتباه، نتيجة لموقف تعليمي غير حيوي وغير مثير لاهتمام الطلاب.
الطالب المذنب هو الذي يعاقب، لا الفصل بأكمله.
إيقاع العقاب مباشرة عند الخطأ، للربط بينهما.
عدم إظهار الغضب عند معاقبة الطالب، وعدم تعقبه، لئلا يؤثر ذلك في صحته النفسية.
طريقة العقاب وشكله، ينبغي أن يمكنا الطالب من استعادة احترامه لذاته.
اختيار العلاج طويل المدى، الذي يمنع تكرار السلوك السيء.
إشراك الآخرين في مناقشة حالات السلوك السيء للطالب، كمدير المدرسة والمرشد الطلابي وولي الأمر، والعمل على معالجتها.
علاقة المعلم بالمنهج الدراسي
المنهج الدراسي هو أحد جوانب العملية التعليمية الضرورية في المدرسة، وأحد أهم محاور العملية التعليمية. وعلاقة المعلم بالمنهج علاقة مباشرة وقوية ومؤثرة. لذا فإنه من الضروري أن يكون المعلم متفهماً لهذا المنهج، وراضياً عنه، ومتفاعلاً معه، وقادراً على تحقيق الأهداف المرسومة له.
قد تواجه المعلم أحياناً بعض الصعوبات في المنهج الدراسي الذي يقوم بتدريسه، فتضعف من خلال ذلك دافعية المعلم نحو هذه المادة، مثل:
كثافة المنهج، وطول المقرر الدراسي.
صعوبة المادة العلمية، وعدم ملاءمتها لمستوى الطلاب.
قلة الحصص المخصصة للمادة الدراسية.
عدم توفر الوسائل التعليمية المعينة. نفور الطلاب من المادة، وعدم إقبالهم عليها.
جمود المناهج، وعدم مواكبتها لما يستجد من تطورات وابتكارات. بعض الأخطاء العلمية أو اللغوية التي يقع فيها واضعو المنهج، أو مؤلفو الكتاب المدرسي المقرر.
سوء إخراج الكتاب المدرسي، من حيث الأخطاء المطبعية، ونوع الورق، وحجم الكتاب، وحروف الطباعة، وعدم وضوح الوسائل التعليمية فيه. عدم إشراك المعلم في نقد المناهج وتطويرها.