كشفت البحوث التربوية أن الأطفال كثيراً ما يخبروننا بما يفكرون فيه وما يشعرون به، من خلال لعبهم التمثيلي الحر واستعمالهم للدمى والمكعبات والألوان والصلصال وغيرها، إذ يعتبر اللعب وسيطاً تربوياً يعمل بدرجة كبيرة على تشكيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة.

وهكذا فإن الألعاب التعليمية متى أحسن تخطيطها وتنظيمها والإشراف عليها، فإنها ستؤدي أدواراً فعالة في تنظيم التعلم، وقد أثبتت الدراسات التربوية القيمة الكبيرة للعب في اكتساب المعرفة ومهارات التوصل إليها، إذا ما أحسن استغلاله وتنظيمه.

 

زيادة الذكاء

وتوصل باحثون في قسم علم التربية بجامعة طوكيو، إلى أن بالإمكان رفع نسبة ذكاء الطفل عن طريق اللعب معه، وأنه يمكن استخدام نظرية «التجربة والخطأ» في تنمية ذكاء الأطفال، بواسطة الألعاب العادية والإلكترونية. وتنتج شركات برمجيات الطفل ألعاباً، يشرف عليها متخصصون، لتنمية القدرات الإدراكية والعقلية والبدنية، ومن ضمن هذه الوسائل، مجموعات خاصة لتعليم الحروف والأرقام، ومجموعات أخرى لتنمية المهارات الفنية كالرسم، ومجموعات لتنمية القدرات الإدراكية واكتشاف المواهب والفروق الفردية.

 

شخصية الطفل

وعن أهمية اللعب للطفل، يقدم علماء نفس الطفل والتربويون المتخصصون تعريفات كثيرة للعب، فمنهم من ركز على القيمة العلاجية له، ومنهم من يربطه بالنمو العقلي، بينما ركز الغالبية العظمى منهم على النشاط التعليمي والتثقيفي للعب. وقد أظهرت الدراسات أن للعب إسهامات واضحة في نمو الأطفال وبناء شخصياتهم، بالإضافة إلى الدور التعليمي بالغ الأهمية في تكوين معارفه ومعلوماته تجاه العالم المحيط به. وقد أدرك العلماء أهمية ذلك في تنشئة الأطفال وتعليمهم ونمو شخصياتهم.

لذلك أهتم القائمون على التربية والتعليم بهذه الوسائل التعليمية المتخصصة للأطفال في أعمارهم المختلفة، وزاد الاهتمام بالوسائل الخاصة بالطفل في السنوات الأولى قبل سن المدرسة، الذي يعد من أهم سنوات التكوين المعرفي للطفل، والذي يؤثر على نموه العقلي والمعرفي في المستقبل.

 

المبادرة والتركيز

السن من 3 إلى 5 سنوات كما يقول المختصون، هو بداية التجربة المدرسية الحقيقية للطفل، فخلال هذه المرحلة، سيبتعد الطفل ساعات طويلة عن أمه، لذلك من المهم أن تعمل الأم على تقوية علاقتها بطفلها بشكل أكبر. اللعب معاً هو أحد الطرق لتقوية تلك العلاقة.

وكذلك لتجهيز الطفل للأنشطة التي سيقوم بها في الحضانة، إذ إن الآباء الذين يدمجون أطفالهم في الألعاب التعليمية يرفعون من روح المبادرة ومستوى التركيز عند أطفالهم، كما أنهم يكسرون بذلك أيضاً أية حواجز لدى الأطفال تجاه العملية التعليمية، نتيجة خوفهم من الأشياء غير المألوفة لديهم.

نظريات حديثة

ويؤكد صلاح سعد أحد الباحثين الاجتماعيين، أن شركات لعب الأطفال تهتم بالدراسة العلمية للألعاب قبل إنتاجها، ومدى ملاءمتها لسن الطفل وتأثيرها فيه. لذلك اهتمت إحدى الشركات المتخصصة في هذا المجال بتقديم وسائل تعليمية تنمي الهوايات لدى الأطفال لتجعلهم يحبون التعليم من خلال اللعب، واستخدام الممارسة اليدوية في غرس المفاهيم والمبادئ والنظريات العلمية المختلفة.

كما حرصت هذه الشركات أيضاً على صناعة الألعاب والوسائل التي تنمي مواهب الطفل وتكتشف قدراته في سن مبكرة، من خلال عمل مجموعة من الألعاب متدرجة الصعوبة، ينتقل خلالها الطفل من مرحلة إلى أخرى في اللعبة الواحدة، ومن لعبة سهلة إلى لعبة أصعب منها، حسب قدراته العقلية. وهناك الألعاب التي تشغل بالطاقة الضوئية وألعاب الدقة الحركية التي تنمي لدى الشخص مهارة التركيز و التوافق الحركي البصري.

 

مقياس تطور

وعلى الجانب التربوي والنفسي يشير المختصون إلى أهمية الدور التربوي التثقيفي للألعاب، في تنمية مدارك ومفاهيم ومهارات الأطفال الجسدية والعقلية والحسية والاجتماعية، حيث تشير نظرية «جان بياجيه» النمائية إلى أن اللعب يرتبط بمراحل النمو عند الأطفال، وأن لكل مرحلة أنماط لعب خاصة بها.

ويشكل نمط اللعب في كل مرحلة أساس التطور المعرفي أو العقلي للطفل، فهو وسيلة للتعلم والتفاعل مع البيئة واكتشافها. وبالتالي يمكن النظر إلى اللعب على أنه مقياس تطور العقل نفسه، لذلك يرى بياجيه أن اللعب طريقة مهمة للتعلم، من خلال ما يوفر للأطفال من ألعاب تعليمية فردية أو جماعية. فاللعب يكسب الأطفال أنماط السلوك المختلفة: العقلية والنفسية والاجتماعية والحركية.

ومن خلال اللعب يكون نمو الذاكرة والتفكير والإدراك. لذلك تهتم المؤسسات التربوية وخاصة رياض الأطفال، بتنظيم اللعب كوسيلة من وسائل التعلم الجيدة التي يتفاعل معها الطفل ويجد متعة في ممارستها، فيتعلمون أثناء اللعب الكثير من المعلومات، ويكتشفون الحقائق والعلاقات ويكتسبون المفاهيم والمهارات المختلفة.